الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفرق بين (يقتلون ويذبحون) في قصة فرعون مع بني إسرائيل

السؤال

س1ـ ماهي اللمسة البيانية في قوله تعالى: وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يقتلون أبنائكم ويستحيون نسائكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم؟.
وفي الآية الثانية: وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبنائكم ويستحيون نسائكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن خبر تعذيب فرعون لبني إسرائيل حكاه القرآن في كل موضع بطريقة تفننا في إعادة القصة بحصول اختلاف في صورة النظم مع الحفاظ على المعنى المحكي، وهو ذكر سوء العذاب مجملا، وذكر أفظع أنواعه مبينا فعبر بالقتل مرة، وبالذبح ـ الذي هو أشنع أنواعه ـ مرة أخرى، ويحتمل حصول القتل بالذبح وحصوله بوسيلة أخرى كالتحريق إضافة لفظاعة الذبح الذي حصل للأولاد الصغار الدال على شناعة الظلم بالاعتداء على الصغار الرضع، قال العلامة ابن عثيمين في تفسيره: قوله تعالى: يذبحون أبنائكم ـ الفعل مضعف ـ أي مشدد ـ للمبالغة لكثرة من يذبحون، وعظم ذبحهم، هذا وقد جاء في سورة الأعراف: يقتلون ـ وهو بمعنى: يذبحون ـ ويحتمل أن يكون مغايرا له، فيحمل على أنهم يقتلون بعضا بغير الذبح، ويذبحون بعضا. هـ.

وفي تفسير الشعراوي: تحدث الشيخ عن الفرق بين: يذبحون أبناءكم ـ و: يقتلون أبناءكم ـ فقال: الذبح غير القتل، الذبح لا بد فيه من إراقة دماء، والذبح عادة يتم بقطع الشرايين عند الرقبة، ولكن القتل قد يكون بالذبح أو بغيره كالخنق والإغراق، كل هذا قتل ليس شرطا فيه أن تسفك الدماء.

والحق سبحانه وتعالى يريد أن يلفتنا إلى أن فرعون حينما أراد أن ينتقم من ذرية بني إسرائيل انتقم منهم انتقامين:

انتقاما: لأنهم كانوا حلفاء للهكسوس وساعدوهم على احتلال مصر، ولذلك، فإن ملك الهكسوس اتخذ يوسف وزيرا، فكأن الهكسوس كانوا موالين لبني إسرائيل، وعندما انتصر الفراعنة انتقموا من بني إسرائيل بكل وسائل الانتقام، قتلوهم وأحرقوا عليهم بيوتهم.

أما مسألة الذبح في قوله تعالى: يذبحون أبناءكم ـ فلقد رأى فرعون نارا هبت من ناحية بيت المقدس فأحرقت كل المصريين ولم ينج منها غير بني إسرائيل ـ فلما طلب فرعون تأويل الرؤيا، قال له الكهان يخرج من ذرية إسرائيل ولد يكون على يده نهاية ملكك، فأمر القوابل ـ الدايات ـ بذبح كل مولود ذكر من ذرية بني إسرائيل ولكن قوم فرعون الذين تعودوا السلطة قالوا لفرعون: إن بني إسرائيل يوشك أن ينقرضوا وهم يقومون بالخدمات لهم، فجعل الذبح سنة، والسنة الثانية يبقون على المواليد الذكور، وهارون ولد في السنة التي لم يكن فيها ذبح فنجا، وموسى ولد في السنة التي فيها ذبح فحدث ما حدث.

إذن سبب الذبح هو خوف فرعون من ضياع ملكه، وفرض الذبح حتى يتأكد قوم فرعون من موت المولود، ولو فعلوه بأي طريقة أخرى ـ كأن ألقوه من فوق جبل أو ضربوه بحجر غليظ أو طعنوه بسيف أو برمح ـ قد ينجو من الموت، ولكن الذبح يجعلهم يتأكدون من موته في الحال، فلا ينجو أحد. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني