الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قتل أمه خطأ فهل يرث منها؟

السؤال

لي أخ عمره: 42 عاما، وكانت أمي في زيارته، وكانوا يعدون لشواء اللحم داخل الحجرة، وكان الفحم مشتعلا اشتعالا ضعيفا، فقام أخى بسكب السبرتو ـ مادة شديدة الاشتعال ـ على الفحم لتسريع عملية الشواء، فاشتعلت النيران وانفجر ـ جركن ـ وعاء السبرتو ـ واشتعلت الغرفة، وكانت أمي تجلس أمام الفحم فاحترق جزء كبير من جسدها وتوفيت بعد 6 أيام:
أما أخي: فاحترق ذراعاه أثناء محاولة الإطفاء وتم شفاؤه ـ والحمد لله ـــ فهل هذا قتل خطإ؟ وهل يرث أخي هذا من أمي؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما نسبته لأخيك من سكب السبرتو ـ الذي قلت إنه مادة شديدة الاشتعال ـ على الفحم لتسريع عملية الشواء، إذا كان الغالب أنه لا يترتب عليه ضرر كبير، فإنه لا يكون فيه ضمان، وبالتالي، لا يكون هذا من قتل الخطإ. وإذا كان الغالب أنه يحصل منه مثل ما حصل من الاشتعال ولا يمكن التحكم فيه، فإن المثير له يضمن ما ترتب عليه من التلف، ويكون الموت بسببه من قتل الخطإ.

جاء في الموسوعة الفقهية: إذا أوقد الشخص نارا في أرضه أو في ملكه, أو في موات حجره, أو فيما يستحق الانتفاع به, فطارت شرارة إلى دار جاره فأحرقتها، فإن كان الإيقاد بطريقة من شأنها أن لا تنقل النار إلى ملك الغير, فإنه لا يضمن. أما إن كان الإيقاد بطريقة من شأنها انتقال النار إلى ملك الغير, فإنه يضمن ما أتلفته النار, وذلك كأن كان الإيقاد والريح عاصفة, أو وضع مادة من شأنها انتشار النار, إلى غير ذلك مما هو معروف. هـ.

فعلى التقدير الأول: فالأمر واضح وأخوك يعتبر من جملة الورثة. وعلى التقدير الثاني: فالواجب في قتل الخطإ الدية والكفارة، والكفارة: هي صيام شهرين متتابعين إن لم يجد الرقبة ـ لقوله تعالى: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا.{النساء: 92 }. والدية تكون على عاقلة القاتل.

أما عن الإرث: فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن القاتل لا يرث مطلقا ـ سواء كان قاتلا خطأ أو عمداـ مستندين إلى عموم قوله صلى الله عليه وسلم: ليس للقاتل شيء. رواه أبو داود، وإسناده حسن.

وذهب المالكية ومن وافقهم: إلى أن القاتل خطأ لا يرث من الدية ويرث مما سواها من المال، وراجع فيما ذكر الفتويين رقم: 22750، ورقم: 103816.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني