الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نذر اللجاج وفاء أو كفارة

السؤال

نذرت أن أصلي 20ركعة وأقرأ 3 أجزاء إذا نظرت إلى حرام أوفعلت الاستمناء على أن يكون ذلك في نفس يوم الارتكاب، حيث كنت أنظر إلى صور حرام ـ والحمد لله ـ تاب الله علي من بعد النذر، ولكن حدثت معي واقعتين لا أعرف هل ينطبق عليهما النذر أم لا؟ نظرت في التلفاز على جهاز الفحص فى المطار في نشرة أخبار، فقلت فى نفسي أنظر لأرى ماذا يظهر؟ وكان يقف وراءه رجل فأخذت الكاميرا تعرض: من أسفل القدم حتى أعلى الجسم ثم ظهر جزء بارز ـ وهو جهازه الذكري ـ وهو عبارة عن صورة مضيئة بعد أن قرأت أنه توجد أجهزة في بعض المطارات قد تظهر بعض أجزاء الجسم بشكل بارز، ولا أعرف هل الجهاز الذي نظرت إليه يمكن أن يكون مثل تلك الأجهزة أم لا؟ وأخاف أن أكون نسيت شيئا من هذه الواقعة، لأنها حدثت منذ شهور.
والواقعة الثانية: نسيت جزءا كبيرا منها وأتخيلها في فكري وأنها كالآتي: كنت في موقع يعرض أشياء خاصة بالجوال ـ برامج وأشياء أخرى ـ فاخترت قسم الصورأو الثيمات أريد شيئا يخص النار أو الحرائق، والموقع يعرض بعض الصور تختارها المواقع في المقدمة قد أكون رأيت صورة إباحية ولا أعرف هل زدت عن النظرة الأولى؟ والتخيل الثاني: أن أكون قلت لنفسي: هل من الممكن أن يعرض هذا الموقع صورا سيئة ـ فقمت بالتأكد بكتابة كلمة سيئة وبحثت فعرض صورا لا أتذكر إن كنت أريد أن أفعل ذلك أم لا ثم منعت نفسي، فهذه الواقعة منذ شهور وقد يكون حدث كلا التخيلين معا، وقد لا يكون حدث أي منهما، وقد نذرت أن أطبق النذر يوم الارتكاب، ولكنني عرفت أن النذر المؤقت المحدد بيوم يمكن تأجيله إذا كان لدى صاحبه عذر وقد كنت في فترة دراسة قرب الامتحانات وأنا طالب في ثانوية عامة فى سنة دراسية هامة يتوقف عليها مستقبلي وكنت مجتهدا فى المذاكرة وكنت أريد أن لا أضيع ثانية بالإضافة إلى عدم علمي، هل يستوجبان الوفاء بالنذر أم لا؟ فأجلته والآن أنا في إجازة قصيرة في حدود شهر وأريد أن أفي بالنذر إن كان علي نذر، وهل يلزمني النذر عن كل واقعة؟ أم أجعلهما في يوم واحد؟ لأنهما واقعتان، وما رأيكم في هذا النذر؟ مع العلم أنني توقفت عن النظر إلى الحرام منذ النذر، وإذا وقعت عيني على شيء بدون قصد أغض نظري، أرجوكم ردوا علي سريعا إن كان علي نذر، وكيف أصل إلى الجواب؟ أرجوكم أخبروني عن طريق الإيميل لأنني لا أعرف كيفية الوصول إلى الرد، لقد كنت أنظر إلى المواطن الفاتنة من الجسد في الكومبيوتر وغيره، ثم نذرت النذر لأمنع نفسي من النظر إلى ذلك وهل يعد نظر الشعر من الأشياء التي توجب الوفاء بالنذر؟ مثل: سماع الأخبار والمذيعة لا تغطى شعرها. ومرة وجدت إحدى قريباتي تظهر جزءا من شعرها فغضضت نظري ثم قلت لأنظر مرة أخرى هل غطت شعرها عندما رأتني أم لا؟ فنظرت فوجدت ذلك الجزء مازال مكشوفا، فهل يوجب ذلك علي النذرأم لا؟ ومرة كان أبي يستعد لنزول البحر وجزء من عورته ظاهر فوجدتني أنظر إليه دون تفكير، فهل وجب علي النذر؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى أن يتوب عليك، وأن يلهمك رشدك، وأن يقيك شر نفسك وشر الشيطان وشركه.

ثم اعلم ـ أيها الابن العزيز ـ أن الواجب على المسلم أن يطيع الله تعالى ويخشاه ويتقيه ـ سواء نذر أو لم ينذر ـ كما قال تعالى: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ. { النور: 52 }.

وليس من اللائق أن يكون خوف المرء من نذره أشد من خوفه من ربه وإن كان النذر شديدا، فعليك بمراقبة الله تعالى والاستقامة على طاعته على أية حال، وقد سبق لنا بيان وسائل تقوية الإيمان وتحقيق الاستقامة وذكر نصائح لاجتناب المعاصي، وبيان شروط التوبة ودلائل قبولها وما ينبغي فعله عندها، في الفتاوى التالية أرقامها: 10800، 93700، 5450، 75958، 29785.

وأما بخصوص النذر الذي ذكرته: فهو الذي يسميه أهل العلم نذر اللجاج والغضب، وهو الذي يخرج مخرج اليمين للحث على فعل شيء أو المنع منه، غير قاصد للنذر ولا القربة، وهذا حكمه حكم اليمين، فإذا لم يوف بنذره لزمته كفارة يمين، فصاحبه مخير بين الوفاء به وبين الكفارة، على الراجح من قول جمهور العلماء، وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 30392، 78902، 12399، 17466، 75629.

وقد سبق لنا بيان أنواع النذر وأحكامه في الفتوى رقم: 1125.

وأما الحنث في هذا النذر: فإنه يكون باعتبار نيتك حال التلفظ به ، فإن النية تقيد النذر وتخصصه، بمعنى أنك لو كنت تقصد بالنظر إلى الحرام صورا معينة، فلا تحنث بالنظر إلى غيرها من الحرام، وإن كان الإثم حاصلا في كليهما، وهذا هو الظاهر من السؤال، فالنظر إلى مذيعة الأخبار أو إلى إحدى قريباتك وهي تبدي شيئا من شعرها، وكذلك النظر إلى الخرق في ملابس أبيك، ونحو ذلك لا تحنث به في نذرك، لأن الحامل لك على النذر هو أنك كنت تنظر إلى المواطن الفاتنة من الجسد أو إلى الصور الإباحية ـ كما ذكرت في سؤالك ـ وهذا معناه أنك كنت تقصد مثل هذه الصور لا غير.

وعلى أية حال، فقد عرف السائل أن نذره نذر لجاج، وأنه مخير بين الوفاء وبين الكفارة، ولكن الأمر المهم هو الثبات على التوبة ومجاهدة النفس الأمارة بالسوء، وتحقيق الاستقامة، وراجع في ما يعينك على ذلك الفتويين رقم: 111852، ورقم: 132470.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني