الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تشترط النية والموالاة لجمع الصلوات

السؤال

كنت سأسافر من مكان ما إلى مكان إقامتي، وصليت الظهر في هذا المكان. وبعد ساعة اضطررت للسفر فقال لي أخي ان أصلي العصر قبل أن يؤذن لأني سأسافر. وأنوي الجمع بسبب السفر. وقلت له لكني صليت الظهر ولم يبق إلا العصر فقال لي صل العصر وحده قبل دخول الوقت لأجل السفر. ولكني لم أقتنع بهذا الكلام. وسؤالي: هل تجوز صلاة العصر وحدها قبل دخول وقتها لمن صلى الظهر بسبب السفر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اشترط كثير من العلماء لصحة الجمع بين الصلاتين جمع تقديم شروطا منها: أن توجد نية الجمع عند افتتاح الأولى، وكذا اشترط جمهورهم الموالاة بين الصلاتين المجموعتين، فعلى مذهبهم لم يكن يجوز لك الترخص بالجمع لانتفاء هذين الشرطين وهما نية الجمع والموالاة، وذهب بعض العلماء وهو اختيار شيخ الإسلام رحمه الله إلى أن نية الجمع لا تشترط ودليلهم أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بعرفة ولم يأمر من صلى معه بنية الجمع.

قال النووي: الأمر الثاني : نية الجمع وهي شرط لصحة الجمع على المذهب، وقال المزني وبعض الأصحاب لا تشترط لأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع . ولم ينقل أنه نوى الجمع ، ولا أمر بنيته، وكان يجمع معه من تخفى عليه هذه النية، فلو وجبت لبينها. ودليل المذهب أن الصلاة الثانية قد تفعل في وقت الأولى جمعا، وقد تفعل سهوا فلا بد من نية تميزها. انتهى.

واختار شيخ الإسلام أيضا عدم اشتراط الموالاة بين الصلاتين المجموعتين جمع تقديم.

قال رحمه الله في بيان عدم اشتراط النية: وهو قول الجمهور من العلماء، وقال: والنبي صلى الله عليه وسلم لما كان يصلي بأصحابه جمعا وقصرا لم يكن يأمر أحدا منهم بنية الجمع والقصر، بل خرج من المدينة إلى مكة يصلي ركعتين من غير جمع ثم صلى بهم الظهر بعرفة ولم يعلمهم أنه يريد أن يصلي العصر بعدها ثم صلى بهم العصر ولم يكونوا نووا الجمع وهذا جمع تقديم. انتهى.

وأما الموالاة بين الصلاتين فقد قال رحمه الله: والصحيح أنه لا تشترط الموالاة بحال لا في وقت الأولى ولا في وقت الثانية فإنه ليس لذلك حد في الشرع، ولأن مراعاة ذلك يسقط مقصود الرخصة. انتهى.

وبه يتبين أن الجمع في الحال المذكورة لا يجوز عند جمهور العلماء، إما لفوات النية عند من يشترطها أو لفوات الموالاة عند من يشترطها أو لفواتهما عند من يشترطهما، وأما على اختيار شيخ الإسلام رحمه الله وهو عدم اشتراط النية والموالاة فالجمع في هذه الحال جائز، وقول الجمهور هو الأولى بالاعتماد لكونه الأحوط والأبرأ للذمة، ولكنه قد يرخص في الأخذ بقول شيخ الإسلام رحمه الله إذا دعت لذلك ضرورة أو حاجة شديدة كما ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 112330، ولتنظر للفائدة الفتوى رقم: 115897.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني