الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام من يمر عليها يوم ويومان دون نزول الدم

السؤال

أثناء الحيض قد يمر يوم ويومان دون نزول الدم. فهل يجوز في هذه الفترة أن تغتسل المرأة وتصلي؟ هل تقضي صلاتها في هذه الفترة؟ وهل تصوم أم تقضي؟ وهل يجوز لزوجها أن يمارس معها الجنس (الجماع)؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا رأت المرأة الطهر بإحدى علامتيه الجفوف أو القصة البيضاء فقد صارت طاهرا يجب عليها المبادرة بالغسل؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما: ولا يحل لها إذا رأت الطهر ساعة إلا أن تغتسل.

ولها بعد ذلك جميع أحكام الطاهرات فيجب عليها الصلاة وصوم رمضان، ويجوز لها مس المصحف ونحوه مما يحرم على الحائض، ويجوز لزوجها أن يجامعها ما دامت طاهرا، فإذا عاودها الدم في زمن يصلح أن يكون فيه حيضا فقد عادت حائضا.

ولبيان الزمن الذي يمكن أن يكون فيه الدم العائد حيضا تراجع الفتوى رقم: 118286، ولمعرفة حكم الدم العائد تراجع الفتوى رقم: 100680، فإذا رأت المرأة الطهر يوما أو يومين فلها في تلك المدة جميع أحكام الطاهرات، فإذا عاد الدم عادت حائضا ما دام عود الدم في مدة الخمسة عشر يوما التي هي أكثر مدة الحيض، ولكن العلماء اختلفوا في هذه المدة التي كانت بين الدمين، فمنهم من يقول هي طهر صحيح ويصحح جميع عباداتها في تلك المدة، ومنهم من يقول بل قد تبينا أنها حيض حين عاودها الدم مرة أخرى، فلا يكون عليها إثم فيما حصل من جماع وغيره، ولكن يلزمها على هذا القول الثاني أن تقضي الصوم الواجب أو الطواف الواجب ونحو ذلك، والقول الأول هو المعروف بالتلفيق وعليه تكون عباداتها في تلك المدة وقعت صحيحة ولا يلزمها قضاء شيء منها لأن طهرها في تلك المدة طهر صحيح.

والقول الثاني هو المعروف بالسحب وهو اختيار كثير من العلماء، ونحن نسوق من كلام النووي رحمه الله طرفا يتبين به ما ذكرناه من حكم الطهر المتخلل للحيضة الواحدة، قال رحمه الله: وبالتلفيق قال مالك وأحمد وبالسحب أبو حنيفة وقد سبق دليل القولين ، والحاصل أن الراجح عندنا -أي الشافعية- قول السحب . قال أصحابنا : وسواء كان التقطع يوما وليلة دما ويوما وليلة نقاء أو يومين ، ويومين أو خمسة وخمسة أو غير ذلك فالحكم في الكل سواء وهو أنه إذا لم يجاوز خمسة عشر فأيام الدم حيض بلا خلاف وفي أيام النقاء المتخلل بين الدم القولان، قال المتولي وغيره : إذا قلنا بالتلفيق فلا خلاف أنه لا يجعل كل دم حيضا مستقلا ولا كل نقاء طهرا مستقلا ، بل الدماء كلها حيض واحد يعرف والنقاء مع ما بعده من الشهر طهر واحد قال أصحابنا : وعلى القولين إذا رأت النقاء في اليوم الثاني عملت عمل الطاهرات بلا خلاف لأنا لا نعلم أنها ذات تلفيق لاحتمال دوام الانقطاع. قالوا : فيجب عليها أن تغتسل وتصوم وتصلي ولها قراءة القرآن ومس المصحف والطواف والاعتكاف وللزوج وطؤها، ولا خلاف في شيء من هذا، فإذا عاودها الدم في اليوم الثالث تبينا أنها ملفقة إن قلنا بالتلفيق تبينا صحة الصوم والصلاة والاعتكاف وإباحة الوطء وغيرها، وإن قلنا بالسحب تبينا بطلان العبادات التي فعلتها في اليوم الثاني ، فيجب عليها قضاء الصوم والاعتكاف والطواف المفعولات عن واجب ، وكذا لو كانت صلت عن قضاء أو نذر، ولا يجب قضاء الصلاة المؤداة لأنه زمن الحيض ، ولا صلاة فيه. انتهى بتصرف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني