الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القواعد الفقهية تنزَّل على الوقائع بدقة وإحكام

السؤال

وجدت على عتبة الباب ورقة فيها تكاليف الكهرباء، ليقوم أبي بتسديدها، وسؤالي يا شيخ: إذا أخبرت والدي بوجود هذه الورقة وذهب ليسدد المبلغ، ثم سمحت لنا الشركة باستعمال الكهرباء، لأننا سددنا ما علينا، أفكر أنني أعنت على معصية الله، فأمي حتما ستستعمل الكهرباء لتضيء الغرفة التي تجتمع هي والعائلة ويقومون باغتياب الناس فيها، وهم كثيرو الغيبة ـ يا شيخ ـ فهل تفكيري سليم؟ ودائما تحضرني القاعدة الفقهية: درء المفاسد أولى من جلب المصالح ـ وعندي الكثير من الأسئلة من هذا النوع.
وأرجوك يا شيخ لا تنسني من دعائك لي بالهداية.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى أن يهديك، وأن يوفقك لأرشد أمرك، وأن يكفيك شر نفسك وشر الشيطان وشركه ووسوسته.

وأما بخصوص ما سألت عنه: فإنه إنما يتوجه لو كان استعمال الكهرباء في حد ذاته محرما، أو كانت الكهرباء لا تستعمل إلا في الأمور المحرمة. ولا يخفى أن هذا غير حاصل، وبالتالي، لا يكون ما ذكرته إلا من سبيل الوسوسة المضرة، التي تشغل المرء بما لا ينفعه عما ينفعه، فقد كان ينبغي للسائلة أن تتفكر في الوسائل التي تعين بها عائلتها على اجتناب الغيبة التي لا يتوقف حصولها على وجود الكهرباء، وأن تنصح لهم وتدعوهم إلى الخير بالحكمة والموعظة الحسنة.

وأما قاعدة: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ـ فهي صحيحة، ويمكن للسائلة ـ التي علمنا من أسئلتها السابقة أنها تعاني من الوسوسة ـ أن تستعملها في درء مفسدة الوسوسة، بتقديمها على غيرها من المصالح المتوهمة، كهذه المصلحة التي أشارت إليها في سؤالها! ثم نذكرها بقول النبي صلى الله عليه وسلم: إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم: الغلو في الدين. رواه النسائي وابن ماجه وأحمد، وصححه الألباني.

وقوله صلى الله عليه وسلم: هلك المتنطعون، قالها ثلاثا. رواه مسلم.

قال النووي: أي المتعمقون الغالون المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم. اهـ.

وقد بوب الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ في صحيحه لهذا المعنى، فقال: باب ما يكره من التعمق والتنازع في العلم والغلو في الدين والبدع، لقوله تعالى: يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني