الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المراد من الحديث كثرة العمل وقلته لا طول الزمان وقصره

السؤال

لقد وقع لي بعض عدم الفهم من الحديث التالي:533 - حدثنا أبو كريب قال: حدثنا أبو أسامة، عن بريد، عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (مثل المسلمين واليهود والنصارى، كمثل رجل استأجر قوما، يعملون له عملا إلى الليل، فعملوا إلى نصف النهار فقالوا: لا حاجة لنا إلى أجرك، فاستأجر آخرين، فقال: أكملوا بقية يومكم ولكم الذي شرطت، فعملوا حتى إذا كان حين صلاة العصر، قالوا: لك ما عملنا، فاستأجر قوما، فعملوا بقية يومهم حتى غابت الشمس، واستكملوا أجر الفريقين). ‏صحيح البخاري، فأنا لم أفهم لماذا شبه الرسول (صلى الله عليه وسلم)1- اليهود عملوا نصف النهار والمسلمون والنصارى عملوا النصف الآخر ومن المعلوم بأن عمر الأمة اليهودية من نبي الله موسي (عليه السلام) إلي نبي الله عيسي (عليه السلام) يساوي 1700 سنة، ومن المعلوم أيضا أن عمر الأمة النصرانية + عمر الأمة الإسلامية= الفترة من نبي الله عيسي (عليه السلام) إلي النبي محمد (صلي الله عليه وسلم) + الفترة من النبي محمد (صلي الله عليه وسلم) = 2044 سنة فلماذا كان في الحديث أن عمر اليهود عملوا نصف النهار وان النصارى والمسلمون عملوا النصف الآخر؟2- النصارى عملوا من نصف النهار إلي صلاة العصر (ومن المعلوم أن نصف النهار هو ميعاد صلاة الظهر) وأن المسلمين عملوا من صلاة العصر إلي غروب الشمس (ومن المعلوم أيضا أن غياب الشمس موعد صلاة المغرب) ومن المعلوم أن المدة بين صلاة الظهر وصلاة العصر تساوي تقريبا المدة التي بين صلاة العصر وصلاة المغرب ولكن عمر الأمة النصرانية تساوي 600 سنة وعمر الأمة الإسلامية تساوي حتى هذه السنة 1444 سنة يعني أن عمر الأمة الإسلامية تساوي تقريبا ضعف عمر الأمة النصرانية؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالحديث الذي ذكره السائل صحيح، فقد رواه البخاري وغيره ولكنه قد ذكر أهل العلم أن المراد منه كثرة العمل وقلته، وليس طول الزمان وقصره.

قال ابن حجر في فتح الباري: لا يلزم من كونهم أكثر عملاً أن يكونوا أكثر زماناً لاحتمال كون العمل في زمنهم كان أشق، ويؤيده قوله تعالى: ربنا ولا تحمل علينا أصراً كما حملته على الذين من قبلنا. ومما يؤيد كون المراد كثرة العمل وقلته لا بالنسبة إلى طول الزمان وقصره كون أهل الأخبار متفقين على أن المدة التي بين عيسى عليه السلام ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم دون المدة التي بين نبينا صلى الله عليه وسلم وقيام الساعة، لأن جمهور أهل المعرفة بالأخبار قالوا إن مدة الفترة بين عيسى ونبينا صلى الله عليه وسلم وسلم ستمائة سنة، وثبت ذلك في صحيح البخاري عن سلمان، وقيل إنها دون ذلك حتى جاء عن بعضهم أنها مائة وخمسة وعشرون سنة، وهذه مدة المسلمين بالمشاهدة أكثر من ذلك، فلو تمسكنا بأن المراد التمثيل بطول الزمانين وقصرهما للزم أن يكون وقت العصر أطول من وقت الظهر ولا قائل به، فدل على أن المراد كثرة العمل وقلته. انتهى.

ويؤيد ما ذكرناه أن ظاهر حديث البخاري: إنما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس. ظاهر هذا الحديث يفيد أن نسبة حياة هذه الأمة إذا قورنت بمن سبقها من سائر الأمم يساوي نسبة ما بعد العصر من النهار كما قال الحافظ في الفتح: معناه أن نسبة مدة هذه الأمة إلى مدة من تقدم من الأمم مثل ما بين صلاة العصر وغروب الشمس إلى بقية النهار. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني