الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إشهار النكاح ليس بشرط في صحته

السؤال

لقد قابلت امرأة تكبرني في العمر بأكثر من ضعف عمري، وهي متوفى عنها زوجها وقد تمنيت أن تكون رفيقتي في الجنة وهذا حقاً ما تمنيته، ومن هنا بدأت فكرة الزواج بها تداعبني لكن في أول الأمر كانت مجرد أحلام لم يصل بها عقلي إلى مرحلة الجد، ومع مرور الوقت بدأت أتعلق بها وهي كذلك لكن فكرة أن نتزوج أبداً لم تكن تخطر لنا ببال لا من قريب ولا من بعيد لأننا لو أردنا الزواج فلن نستطيع إعلان ذلك الزواج بسبب نظرة المجتمع فالمرأة عندها أولاد وهم أيضاً يكبرنني سناً وهذا ما يصعب الأمر أكثر فأكثر، ومرت الأيام وقررنا الزواج وقد تزوجنا وكنا نظن أن زواجنا صحيح ولم يكن يخطر ببالنا أن هذا الزواج فيه شبهة فقد تزوجنا عند محام، وقد كان هناك شهود وصداق ولكن لم يكن هناك ولي بسبب تلك المشكلة الناس والمجتمع فعدم وجود الولي هنا ليس بسبب رفض الولي هذا الزواج ولكن لمخافة مواجهة المجتمع.
والسؤال الآن: ما وصف حالنا الآن والزواج غير مشهر ولم يكن في العقد ولي للزوجة، مع مراعاة أننا لم ولن نستطيع بأي حال من الأحوال إعلان ذلك الزواج ولا إعادة صياغة العقد بوجود ولي، لكننا في نفس الوقت لا نرغب بأي حال من الأحوال في التخلي عن بعضنا البعض وذلك لأننا اختار بعضنا بعضاً أزواجاً في الجنة فكيف نحقق هذه المعادلة الصعبة؟ وهل يجوز في مثل حالتنا أن نأخذ برأي المذهب الحنفي في مسألة الولي ويعد عقدنا في تلك الحال صحيحا؟ وإن كان هذا لا يجوز فما الحل؟
وجزاكم الله خيراً وأرجو الجواب الشافي المعالج لتلك الحالة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالظاهر من سؤالك أنك على علم من أن جمهور أهل العلم على أن الولي ركن من أركان النكاح لا ينعقد بدونه، وعليه فإن زواجك من تلك المرأة بدون إذن وليها باطل عند الجمهور يجب فسخه فوراً؛ خلافاً للإمام أبي حنيفة، والخوف من مخالفة عرف المجتمع لا يجعله صحيحاً، والذي ننصحك به الآن هو تجديد عقد النكاح بحضور ولي تلك المرأة لأن مذهب الجمهور هو الراجح... وترتيب الأولياء في استحقاق عقد النكاح قد تقدم بيانه في الفتوى رقم: 37333.

إلا أن هذا النكاح يصح ويمضي إذا حكم بصحته قاض شرعي أو كنتما مقلدين في عقده للإمام أبي حنيفة في عدم اشتراط الولي في النكاح.

ففي مطالب أولي النهى للرحيباني الحنبلي: كما لو قلد حنبلي أبا حنيفة في عقد نكاح بلا ولي، فليس للحاكم الحنبلي أن يعزره (لانتفاء المعصية) بتقليده إماماً يرى صحة ذلك العقد ولأنه لو كان حكم بصحته الحنفي ورفع بعد ذلك إلى الحنبلي لوجب عليه تنفيذه. انتهى. وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 47816.

وإشهار النكاح ليس بشرط في صحته بل هو مستحب فقط عند الجمهور.

ففي الموسوعة الفقهية: يرى جمهور الفقهاء أنه مندوب بأي شيء متعارف كإطعام الطعام عليه، أو إحضار جمع من الناس زيادة على الشاهدين، أو بالضرب فيه بالدف حتى يشتهر ويعرف، لقوله صلى الله عليه وسلم: أظهروا النكاح. وفي لفظ: أعلنوا النكاح. انتهى.

وأخيراً ننبه إلى أن صيرورة تلك المرأة زوجة لك في الجنة تنبني على أنكما ستدخلان الجنة ولا يمكن القطع بأن أياً منكما سيدخل الجنة، لأن هذا من أمور الغيب التي لا يمكن الاطلاع عليها إلا بنص من الوحي، فينبغي لك أن تصرف همك إلى الإكثار من الأعمال الصالحة والابتعاد عن المعاصي والمنكرات وترجو رحمة الله تعالى وتسأله الجنة والبعد عن النار، وإذا دخلت الجنة فإن لك فيها ما تشتهيه نفسك وتلذ عينك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني