الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من طاف أقل من سبعة أشواط جاهلا ثم سعى وتحلل

السؤال

اعتمرت قبل بضعة أيام، وطفت ستة أشواط نسيانا ليس نسيانا لتعداد الأشواط أو الشك فيها، بل طفت وأنا ساهية عن كونها 7 أشواط، بل ظننتها 6 أشواط، وظللت على حالي، ولم أنتبه أو أشك في أمري، وانتهيت من السعي كاملا، وعدنا من العمرة، وقد قصرت شعري، ثم تذكرت أنها ليست 6 بل 7 أشواط ، هل علي شيء؟ هل أكلف أحداً من أقاربي لتأدية الشوط الناقص بدلا عني؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يصح أن توكلي أحدا يطوف عنك طواف العمرة أو شيئا منه, ومن اعتمر وطاف ستة أشواط لم يصح طوافه, لأن الركن في الطواف سبعة أشواط في قول جمهور أهل العلم خلافا للحنفية, جاء في الموسوعة الفقهية :

الجمهور على أنّ الرّكن سبعة أشواط لا يجزئ عن الفرض أقلّ منها، وقسّم الحنفيّة السّبعة إلى ركن وواجب .

أمّا العدد الرّكن فأكثر هذه السّبعة ، وأمّا الواجب فهو الأقلّ الباقي بعد أكثر الطّواف . واستدلّ الجمهور بقوله تعالى : « وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق » ... وقد جاء فعله صلى الله عليه وسلم مبيّناً القدر الّذي يحصل به امتثال قوله : « وَلْيَطَّوَّفُوا » وهو سبعة أشواط ، فتكون هي الفرض، كما استدلّوا بأنّ مقادير العبادات لا تعرف بالرّأي والاجتهاد ، وإنّما تعرف بالتّوقيف ، أي التّعليم من الشّارع ، والرّسول صلى الله عليه وسلم طاف سبعاً ، وفعله هذا بيان لمناسك الحجّ ، كما قال : « خذوا عنّي مناسككم » .فالفرض طواف سبعة أشواط ولا يعتدّ بما دونها ... اهـ

وإذا لم يصح الطواف لم يصح السعي أيضا لأن من شروط صحة السعي أن يقع بعد طواف صحيح, وعلى قول الجمهور فأنت الآن باقية على إحرامك، ويلزمك العودة إلى مكة وإكمال الشوط المتبقي, والأحوط لك والأبرأ لذمتك إعادة الطواف من أوله لأن الموالاة بين أشواط الطواف شرط في في صحته في قول كثير من الفقهاء, جاء في الموسوعة الفقهية :

اشتراط الموالاة بين أشواط الطّواف مذهب المالكيّة والحنابلة ، وعند الحنفيّة والشّافعيّة سنّة للاتّباع ، لأنّه صلى الله عليه وسلم والى في طوافه ، وفي قول عند الشّافعيّة أنّ الموالاة واجبة ودليل شرط الموالاة ووجوبها حديث : « الطّواف بالبيت صلاة » فيشترط له الموالاة كسائر الصّلوات ، ودليل السّنّيّة فعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم . اهـ.

فعلى هذا القول يتعين أن تعيدي الطواف من أوله سبعة أشواط، ثم تعيدين السعي بعده لأن من شروط صحة السعي وقوعه بعد طواف صحيح كما رجحناه في الفتوى رقم: 14842 ثم تقصرين من شعرك.

وإذا كانت السائلة تقيم في السعودية -كما يظهر لنا من بيانات السؤال- فإن رجوعها إلى مكة أمر ممكن إن شاء الله, فإن تعذر بكل حال ولم تستطيعي العودة إلى مكة فأنت في حكم المحصر، فإن كنت قد اشترطت عند الإحرام فإنك تتحللين من إحرامك ولا شيء عليك, وإن لم تكوني قد اشترطت فإنك تذبحين شاة بنية التحلل أي بنية الخروج من الإحرام الذي أنت فيه وتوزعينها على الفقراء ثم تتحللين, وما فعلتِه من محظورات الإحرام لا يلزمك فيه شيء ما دمت جاهلة بالحكم الشرعي ظانة أنك تحللت من الإحرام, وانظري الفتوى رقم 71890. وارجعي أيضا الفتوى رقم: 135351.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني