الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم عدم متابعة المأموم الإمام في سجدة التلاوة

السؤال

فى إحدى صلوات القيام كان الإمام يصلي بآية بها سجدة، ولما قال: الله أكبر. لم نعلم أنها سجدة وركعنا، وبعد ذلك أكمل الركعة، ولما قال: الله أكبر. ركعنا لثاني مرة، ولكن بعض النساء سجدن والإمام راكع، ثم سجدنا معه وأكملنا الركعة، وعندما فرغ من الصلاة سجد البعض فى نهاية الصلاة سجدة سهو لما حدث من ركوعين في ركعة واحدة، والبعض الآخر لم يسجد سجدة سهو، ولكن سجد سجدة التلاوة. فمن منا على صواب؟ أرجو الإفادة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا سجد الإمام للتلاوة ولم يعلم المأموم فركع، فإن علم والإمام لا يزال في أثناء السجود تابعه، وإن لم يعلم حتى رفع قام وتابعه في باقي صلاته، ولم يأت بسجود التلاوة في أثناء الصلاة لأنه سنة وهو مأمور بمتابعة الإمام، قال العلامة ابن قاسم العبادي الشافعي في حاشيته على شرح البهجة الوردية: فإذا فرغ من صلاته لم يسجد للسهو لأن الإمام يحمل سهو المأمومين. اهـ

ولتراجع الفتوى رقم: 123811، ولا يقضي سجود التلاوة لأنه سنة فات محلها، واستحب بعض أهل العلم أن يقضيه إذا لم يطل الفصل.

وبه يتبين أن من فعل ما ذكرناه هو المصيب، ومن قضى سجود التلاوة في أثناء صلاة الإمام فقد أتى بزيادة في الصلاة، ولا تبطل بها صلاته لكونه جاهلا بالحكم ولتراجع الفتوى رقم: 110881.

ومن سجد للسهو بعد فراغ الإمام من الصلاة فقد فعل ما لا يشرع، ولكنه لا تبطل به الصلاة لكونه جاهلا بالحكم كما سبق، ومن قضى سجود التلاوة بعد الصلاة فهذا محل خلاف بين العلماء، ولعل الراجح أن ذلك لا يشرع لكونه سنة فات محلها.

وقد تكلم الشيخ العثيمين رحمه الله على مثل هذه المسألة فقال ما عبارته: إذا سجد الإمام للتلاوة فظن المأموم أنه ركع ثم ركع بناء على أن الإمام قد ركع ، فلا يخلو من حالين :

إحداهما : أن يعلم بأن الإمام ساجد وهو راكع ، ففي هذه الحالة يجب عليه أن يسجد اتباعاً لإمامه . ... الحال الثانية : أن لا يشعر أن الإمام ساجد إلا بعد أن يقوم من السجدة ، وحينئذ نقول للمأموم الذي ركع ارفع الآن وتابع الإمام واركع مع إمامك واستمر ، وسجود التلاوة سقط عنك حينئذ ، لأن سجود التلاوة ليس ركناً في الصلاة حتى يحتاج أن تأتي به بعد إمامك ، وإنما يجب عليك متابعة للإمام . والمتابعة هنا قد فاتت فهي سنة قد فات محلها وتستمر في صلاتك. انتهى.

وقال النووي في الروضة: ولو قرأ آية السجدة في الصلاة فلم يسجد وسلم يستحب أن يسجد ما لم يطل الفصل. انتهى.

وقال أيضا: ولو كان يصلي فقرأ قارئ آية سجدة فإذا فرغ من صلاته هل يقضي سجود التلاوة؟ المذهب أنه لا يقضيه وبه قطع الشاشي وغيره واختاره إمام الحرمين لأن قراءة غير إمامه لا تقتضي سجوده وإذا لم نجز ما يقتضي السجود أداء فالقضاء بعيد، وقال صاحب التهذيب يحسن أن يقضي ولا يتأكد كما يجيب المؤذن إذا فرغ من الصلاة. انتهى.

فإذا حسن أن يقضي السجود لقراءة من ليس معه في صلاة فلأن يكون قضاء السجود الذي فاته خلف الإمام أحسن من باب أولى على قول صاحب التقريب.

واختار ابن قدامة أن سجود التلاوة لا يقضى إذا فات محله مطلقا، قال في المغني: لو قرأ سجدة في الصلاة فلم يسجد فإنه لا يسجد بعدها. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني