الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم صيام من نوى الصوم بليل ثم سكر إلى الصباح

السؤال

ما حكم من نوى أن يصوم في يوم شرب فيه الخمر وسكر قبل أن يمسك في نفس الليلة ـ والعياذ بالله، سواء كان صيام نافلة كصيام الست من شوال، أو صيام الفرض كصيام قضاء رمضان ـ ولم يغتسل إلى أن أفاق في صباح يوم الصوم؟ وإذا كان الصيام نافلة ـ كصيام الست من شوال ـ فهل يُكتب له الصوم أم لا؟ وإذا كان الصيام فرضا ـ كقضاء رمضان ـ فهل يُكتب له ـ أيضاً؟ أم ينبغي له أن ينتظر لفترة معينة كشهر، أو شهرين حتى يُكتب له صيام القضاء؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن بيت نية الصوم من الليل ثم تعاطى مسكرا ـ والعياذ بالله ـ فذهب عقله، فإن استمر به السكر جميع النهار، فلا يصح صيامه وعليه قضاء ذلك اليوم إن كان فرضا، وأما إن أفاق في بعض النهار فالصحيح صحة صومه، لأنه كالمغمى عليه، والراجح أن المغمى عليه إن أفاق بعض النهار فصومه صحيح، قال النووي في شرح المهذب: قال المتولي: ولو شرب المسكر ليلا وبقى سكره جميع النهار لم يصح صومه وعليه القضاء في رمضان، وإن صحا في بعضه فهو كالإغماء في بعض النهار. انتهى.

وقال النووي قبل هذا بقليل بعد بيان خلاف الشافعية في المغمى عليه يفيق بعض النهار: فالأصح من هذا الخلاف كله إن كان مفيقا في جزء من النهار ـ أي جزء كان ـ صح صومه، وإلا فلا. انتهى.

وهذا الذي صححه النووي هو مذهب الحنابلة ـ أيضا ـ قال في مطالب أولي النهى: ويصح الصوم ممن أفاق من جنون، أو إغماء جزءا منه ـ أي: النهار ـ من أوله، أو آخره، حيث نوى ليلا لصحة إضافة الترك إليه إذن. انتهى.

وإذا علمت هذا، فإن من تعمد السكر فقد ارتكب إثما عظيما وذنبا كبيرا، ولا ينافي هذا صحة الصوم، فإن الفرض يسقط عنه إن أفاق في جزء من النهار ـ كما بينا ـ ولكن تجب عليه التوبة مما ألم به من الذنب، وحيث لم يصح صومه ـ بأن استغرق السكر جميع النهار ـ فلا يلزمه أن ينتظر مدة معينة، بل إن شاء أن يقضي من فوره فليفعل، فإن تاب إلى الله تعالى تاب الله عليه، وقد ورد وعيد في حق شارب الخمر أنه لا يقبل منه عمل أربعين صباحا إن لم يتب، وهذا لا يقتضي أن يترك الطاعات ويصر على المعاصي والمخالفات، وقد سبق لنا إيضاح ما يتعلق بهذه المسألة في فتاوى كثيرة، وانظر منها الفتاوى التالية أرقامها، 133610، 133387، 127341.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني