الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موقف المرء إذا كانت القوامة في بيوت عائلته للنساء دون الرجال

السؤال

في المجتمع الذي أعيش فيه سلوك غريب سيء منتشر بين الناس منذ عقود أو ربما قرون، وهو إسناد الولاية في الأسرة للأم وليس الأب، وتورث الولاية من أنثى إلى أنثى من جيل إلى جيل، عانيت كثيرا من هذا النظام المختل الذي يحميه ويقوم عليه ذكور ويدافعون عنه بشراسة، وعندي فيه خبرة لا بأس بها، وعندي من الإيمان واطمئنان القلب والحمد لله عن الحديث الصحيح "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" ما ليس لغيري، أنا مهتم جدا بهذا الموضوع وأشغل فيه الوقت الكثير في التفكير والمتابعة وأرغب في الإصلاح إذا أراد الله ذلك وخاصة أن هذا النظام لا ينتج رجالا، وأغلب إن لم يكن كل الذكور الذين ولدوا وتربوا فيه عندهم عقدة نقص في الرجولة مزمنة، يقومون بمحاولة تعويضها بفرض سلطات غير شرعية على الآخرين في الشارع والعمل، إما باستخدام المنصب أو المال أوالدين، ويسعون جاهدين في تحطيم جوهر ومظهر أي سلوك رجولي لأي شخص يقع تحت أيديهم، ولا أريد الكلام عن نشوز النساء في هذا النظام.
سؤالي: في علمي أن الولاية والاهتمام ببنائها هو من الشؤون الدنيوية، قال تعالى "وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا" وأخشى أن يلهيني هذا الموضوع فيكون همي الدنيا فقط لا غير، ولكن عندما أرى الآثار المدمرة لهذا الخلل المصادم للفطرة وفساد الحال الدنيوي، أقول إني أستطيع الإصلاح بنية "وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ"، لذلك هل من نصيحة وإرشاد وتوصية في السؤال والموضوع؟ ولا أريد أن أغفل عن ذكر شيء هام وهو أن من أتباع هذا النظام مؤمنين وصالحين وقافين عند الحدود، واستشهادا بالأية "مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ"، فهم مؤمنون ولكن ليسوا برجال، والرجولة مهمة للدين والدنيا. أعرف أن الدليل من القرآن على أن الولاية للرجل في الأسرة هو قوله تعالى "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء" ومن السنة "وأطاعت بعلها"، ولكني بعد كل هذا صرت متأكدا أن الدرجة المذكورة في سورة البقرة "وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ"، هي درجة الولاية والله أعلم؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا ندري مقصودك بالولاية التي تسند إلى النساء في البيوت، فإن كنت تقصد بها ما يتعلق بتدبير البيوت في أمور المعايش كالطعام والشراب وما يحتاجه من نفقات ونحو ذلك، فليس في هذا مخالفة للشرع أو خروج عن الفطرة، أما إن كنت تقصد القوامة وولاية التزويج والمال مثلا فلا يخفى أن القوامة في البيت للرجل وأن الولايات مختصة بالرجال.

قال السعدي: .. وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ. {البقرة: 228}. أي: رفعة ورياسة، وزيادة حق عليها، كما قال تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ {النساء: 34}.

ومنصب النبوة والقضاء، والإمامة الصغرى والكبرى، وسائر الولايات مختص بالرجال. تفسير السعدي.

وانظر في الولاية على المال الفتوى رقم: 103429، وفي أنواع الولاية الفتوى رقم: 66055.

فإذا كان الأمر في مجتمعك كما ذكرت من جعل القوامة في البيوت للنساء على خلاف الشرع والفطرة، فعليك أن تبين لهم الحق وتطلعهم على كلام أهل العلم في هذا الأمر، وليس ذلك انشغالاً بأمور الدنيا، وإنما هو أمر شرعي، لك فيه أجر عظيم إن أخلصت فيه النية وسلكت فيه الطريق الصحيح.

وننبه إلى أن قوامة الرجل لا تعني تسلطه وتجبره على المرأة وإساءة عشرتها، وإنما القوامة تعني رعاية المصالح الدينية والدنيوية وتقتضي الرحمة والإحسان.

قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ: وقال ابن عباس: الدرجة إشارة إلى حض الرجال على حسن العشرة، والتوسع للنساء في المال والخلق، أي أن الأفضل ينبغي أن يتحامل على نفسه. قال ابن عطية: وهذا قول حسن بارع. الجامع لأحكام القرآن.

وللفائدة راجع الفتوى رقم: 6925

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني