الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفسير قوله تعالى (..فقال لهم الله موتوا..)

السؤال

هل الإماتة في قوله تعالى :( فقال لهم الله موتوا )أي :أماتهم بإمكان العدو منهم . ومعنى إعادة الحياة إليهم عود الاستقلال، فجمعوا كلمتهم ووثقوا رابطتهم حتى عادت لهم وحدتهم، هل هذا التأويل سائغ ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن هؤلاء ماتوا موتا حقيقيا ثم أحياهم الله، وظاهر كلام المفسرين أنهم خرجوا فرارا من الأمراض وقيل من العدو.

ولم نر من ذكر تمكن العدو منهم وهم أحياء وأنهم استقلوا بعد ذلك، ولا يسوغ تأويله بذلك لمخالفته لتفسير السلف ولظاهر النص، فقد ذكر أهل العلم أنه لا يعدل عن الظاهر إلى المؤول إلا بدليل يجعله أقوى من الظاهر الذي يتبادر للذهن.

قال وكيع بن الجراح في تفسيره: حدثنا سفيان، عن ميسرة بن حبيب النهدي، عن المنهال بن عمرو الأسدي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت) قال كانوا أربعة آلاف، خرجوا فرارا من الطاعون، قالوا: نأتي أرضا ليس بها موت، حتى إذا كانوا بموضع كذا وكذا قال الله لهم: (موتوا) فماتوا، فمر عليهم نبي من الأنبياء، فدعا ربهم أن يحييهم، فأحياهم، فذلك قوله عز وجل (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت. الآية.

ذكره ابن كثير في تفسيره، وسنده حسن كما قال الدكتور حكمت بشير في كتابه في صحيح التفسير

ولم يذكر ابن كثير خلافا في هذا لابن جريج ولا لغيره.

وفي زاد المسير لابن الجوزي : وفي معنى حذرهم من الموت قولان: أحدهما أنهم فروا من الطاعون وكان قد نزل بهم قاله الحسن والسدي. والثاني أنهم أمروا بالجهاد ففروا منه قاله عكرمة و الضحاك وعن ابن عباس كالقولين.

وفي تفسير البغوي: قوله تعالى: { ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم } قال أكثر أهل التفسير: كانت قرية يقال لها: داوردان قبل واسط بها وقع الطاعون، فخرجت طائفة منها وبقيت طائفة، فهلك أكثر من بقي في القرية وسلم الذين خرجوا، فلما ارتفع الطاعون رجعوا سالمين، فقال الذين بقوا: أصحابنا كانوا أحزم منا، لو صنعنا كما صنعوا لبقينا، ولئن وقع الطاعون ثانية لنخرجن إلى أرض لا وباء بها، فوقع الطاعون من قابل فهرب عامة أهلها، وخرجوا حتى نزلوا واديا أفيح فلما نزلوا المكان الذي يبتغون فيه النجاة ناداهم ملك من أسفل الوادي وآخر من أعلاه: أن موتوا فماتوا جميعا.اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني