الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سب المضمضة والاستنشاق هل يعد كفرا

السؤال

منذ مدة كنت أغتسل، أو أتوضأ, ونسيت أن أستنشق وأتمضمض أثناء الوضوء، أو الاغتسال, وجهزت نفسي لصلاة الفجر ولما أردت النزول إليها ـ وقد تأخرت عن صلاة الجماعة في المسجد ـ تذكرت أنني نسيت هذا الفعل، وهو الاستنشاق والمضمضة، ومن شدة غضبي على نسياني هذا الأمر، ولأن الوقت سيفوتني ـ صلاة الجماعة ـ قمت بشتم، أو سب الاستنشاق والمضمضة, ومن ثم انتبهت لما فعلت ودارت بي الدنيا وخشيت أن أكون قد تلفظت بكلمة كفر، لأن المضمضة والاستنشاق من السنة, وسألت بعض الإخوة وقالوا إنني ربما قصدت سب، أو شتم نسياني لهذا الفعل وليس سب الفعل نفسه وهو المضمضة مثلاً, ومضت بي الأيام حتى صرت أخشى أن كل أفعالي غير مقبولة، لأنني كفرت، والسؤال هنا على شقين: هل ما فعلته من الكفر؟ وهل يكفي لأن أرجع لديني أن أتلفظت بشهادة التوحيد ـ أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ـ في أي مناسبة بعد هذه الحادثة, مثل التشهد في الصلاة عند الجلوس الأخير، أو التشهد بعد الوضوء، أو أي مناسبة أخرى؟ وهل يكفي هذا التلفظ في عودة الإنسان الكافر، أو الذي شك بكفره إلى دين الإسلام؟ أم أن النية في شهادة الدخول في الإسلام مهمة قبل الشهادة نفسها؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلم أولاً أن الراجح ـ إن شاء الله ـ أن المضمضة في الوضوء والغسل مستحبة لا واجبة، وانظر الفتوى رقم: 136296، وما فيها من إحالات.

والذي يظهر أنك لم تقصد سب ما شرعه الله لعباده من المضمضة والاستنشاق، وإنما قصدت سب فعلك وهو تركهما نسياناً، وما دمت قد تبت إلى الله وندمت على فعلك ذاك، فإن التوبة تمحو أثر الذنب فلا مسوغ لهذه الوساوس وتلك الأفكار التي تعرض لك في أن أعمالك لم تقبل، بل حسن ظنك بربك واعلم أنه لو قدر وقوع ذنب منك ولو كان هذا الذنب كفراً ـ والعياذ بالله ـ فإن توبتك منه تمحوه وتزيل آثاره ـ بإذن الله ـ قال الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ.{ الشورى: 25 }.

فننصحك بأن تعرض عن هذه الأفكار وأن تحسن ظنك بربك تعالى وتقبل على عبادته وطاعته، واعلم أنه تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملاً.

وأما توبة المرتد: فإنها تكون بالنطق بالشهادتين على أي وجه كان النطق بهما مع التوبة مما كان سبباً في ردته، فلو ارتد بجحد معلوم من الدين بالضرورة مثلا فتوبته إثبات ما جحده، ولو ارتد كذلك بسبب الاستهزاء أو غيره مما يعد ردة فتوبته أن يندم على فعله ذاك ويعزم على عدم الإتيان به مرة أخرى، قال صاحب زاد المستقنع: وتوبة المرتد وكل كافر إسلامه، بأن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ومن كان كفره بجحد فرض ونحوه فتوبته مع الشهادتين إقراره بالمجحود به، أو قوله: أنا بريء من كل دين يخالف الإسلام. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني