الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الرد على القائلين بسنية طواف الوداع

السؤال

للمالكية شواهد في أن طواف الوداع سنة وهي:
1 - أن عائشة رضي الله عنها لم تطف طواف الوداع.
2- رخص للحائض أن لا تطوف طواف الوداع وليس عليها دم، ولو كان واجباً لكان عليها دم كما حدث لكعب بن عجرة.
3- لم يكن آخر عهد عائشة بالبيت الطواف، وإنما عمرة، والعمرة طواف ثم سعي ثم تقصير. فهل القول بسنية طواف الوداع هو الصحيح؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالراجح عندنا هو وجوب طواف الوداع على غير الحائض، وأن من تركه فعليه دم، والمسألة من مسائل الاجتهاد بلا شك، وقد بينا مذاهب العلماء ودليل القول بالوجوب في الفتوى: 142793، فانظرها.

وأما ما ذكرته من استدلال القائلين بالاستحباب بالترخيص للحائض في ترك طواف الوداع، فقد أجاب عنه ابن قدامة بقوله: وليس في سقوطه عن المعذور ما يجوز سقوطه لغيره كالصلاة تسقط عن الحائض وتجب على غيرها، بل تخصيص الحائض بإسقاطه عنها دليل على وجوبه على غيرها إذ لو كان ساقطا عن الكل لم يكن لتخصيصها بذلك معنى. انتهى.

وقد وافق المالكية على القول بوجوب المبيت بمنى ليالي أيام التشريق، ورخصوا للرعاة والسقاة في ترك المبيت كما دلت على ذلك السنة، ولم تكن الرخصة للرعاة والسقاة دليلاً على عدم وجوب المبيت بمنى.

جاء في شرح الخرشي على خليل: ( قوله : ورخص لراع ) كالمستثنى من قوله : وعاد للمبيت بمنى إلخ ومن قوله : أو ليلتين إن تعجل وهذه الرخصة جائزة كما ذكره الشيخ عبد الرحمن( قوله في حق رعاة الإبل ) أي : لا غيرهم وأهل السقاية يرخص لهم في ترك المبيت بمنى فقط لا في ترك اليوم الأول من أيام الرمي فيبيتون بمكة ويرمون الجمار نهارا ويعودون لمكة. انتهى.

وأما الاستدلال بعدم طواف عائشة للوداع بعد سعيها في عمرتها التي اعتمرت بعد حجها، فلا دليل فيه على عدم وجوب طواف الوداع، فقد نقل ابن بطال المالكي الإجماع على أن المعتمر إذا طاف ثم خرج إلى بلده أجزأه ذلك عن طواف الوداع، وعلى ذلك بوب البخاري في صحيحه فقال:( باب المعتمر إذا طاف طواف العمرة ثم خرج هل يجزئه من طواف الوداع ) وحديث عائشة هذا دليل على جواز الجمع بين طواف الركن وطواف الوداع، وعلى أن السعي بعد طواف الوداع لا ينافي كون آخر العهد بالبيت.

قال الحافظ رحمه الله: قوله: (باب المعتمر إذا طاف طواف العمرة ثم خرج هل يجزئه من طواف الوداع).

أورد فيه حديث عائشة في عمرتها من التنعيم، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن: اخرج بأختك من الحرم فلتهل بعمرة ثم افرغا من طوافكما. الحديث.

قال ابن بطال: لا خلاف بين العلماء أن المعتمر إذا طاف فخرج إلى بلده أنه يجزئه من طواف الوداع، كما فعلت عائشة. انتهى.

وكأن البخاري لما لم يكن في حديث عائشة التصريح بأنها ما طافت للوداع بعد طواف العمرة لم يبت الحكم في الترجمة ، أيضا فإن قياس من يقول إن إحدى العبادتين لا تندرج في الأخرى أن يقول بمثل ذلك هنا. ويستفاد من قصة عائشة أن السعي إذا وقع بعد طواف الركن - إن قلنا إن طواف الركن يغني عن طواف الوداع - إن تخلل السعي بين الطواف والخروج لا يقطع أجزاء الطواف المذكور عن الركن والوداع معا. انتهى كلام الحافظ رحمه الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني