الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحلف بالطلاق بنية التهديد

السؤال

أرجو منكم أن يتسع صدركم وتعذروني للإطالة:
أنا متزوج منذ عامين وثمانية أشهر، حياتي الزوجية ممتلئة بالحب والسعادة فأنا أحب زوجتي وهي كذلك ولدي ولد وبنت توأم عمرهما عام، أنا لن أسترسل في سرد مميزاتي مع زوجتي وأهلها ولكني باختصار شديد أنا أحاول أن أكون ملتزما دينياً، المهم كان لدي برنامج على المحمول يسجل المكالمات وكنت أستخدمه في تسجيل الخطب وأعطيت لزوجتي هذا المحمول، ودعتني الحاجة أن آخذه مرة أخرى لحين صيانة هاتفي وبالصدفة سمعت مكالمتان مسجلتان تشتكى فيهما زوجتي أمي إلى حماتي، ثم كان رد حماتي المفاجئ والمصدم لقد أخطأت في حق أمي ولن أتحدث كثيراً عن فضل أمي ويكفي شهادة جميع من يعرفونها حماتي شتمت أمي وقالت كلام ووصفتها بصفات لا تليق، ووالله ليست في أمي، دارت بي الدنيا وكدت أسقط من هول المفاجأة وعدت من العمل الصباحي إلى البيت وأنا أحاول أن أتمالك نفسي وعرفت زوجتي من خلال وجهي بأن هناك شيئا ما وألحت على وواجهتها بالمكالمات وقلت لها احكمي أنت فانهارت وقالت هذا كان ساعة شيطان و وقد عرفنا غلطتنا واحكم أنت قلت لها أمك لا تدخل بيتي، وجادلتني زوجتي حتى انفجرت غاضبا وقلت لها ( على الطلاق بالثلاثة ما هي دخل الشقة وكانت نيتي هي التهديد وقالت زوجتي العمر كله قلت لحد ما ربنا يأذن) وقلت لها اتركينى أصلي العصر يمكن ربنا يهديني، صليت العصر وذهبت إلى العمل المسائي واتصلت بى زوجتي وقالت إن أبى وأمي يريدان أن يتأسفا ورددت وبدأ الغضب يتصاعد ( لو جم أنا ههنهم والله أمك لوجت لاهنها إهانة جامدة أنا مش عايز اشوفها على الطلاق ما أنا دخلكو بيت(وطبعا كان في سب وشتيمة) ولا هي دخل لي بيت غير في المشاكل لما تطلقى أبقى أدخل بيتكم، طول ما أنت على ذمتي مش داخل أو لو دخلت تبقى مش على ذمتي. لست متأكد وأغلقت السماعة في وجه زوجتي. هذا ما حصل وطبعاً أغلب الكلام كان باللهجة العامية المصرية وهناك بعض الملاحظات وهي أنني متأكد من نيتي في القسم أول مرة وكنت أقصد التهديد، أما مكالمة التليفون مع زوجتي فهي التي أخبرتني بها بعد ما عدت إلى البيت لأنني بطبعي أنسى بسرعة فأنا كنت في حالة غضب وعصبية شديدة وإن كنت لست متأكدا من هذا الغضب هو الغضب الجنوني فأنا على ما اعتقد كنت أعي ما أقول ولكني لم أتمالك نفسي، وأيضا نيتي في خلال هذه المكالمة لست متأكد منها وبدأ الشيطان يلعب برأسي تارة يقول أنني كنت أقصد الطلاق وأنا في نفسي منذ الصباح لا أنوى على الطلاق. فهل حدث تبديل في النية لست متأكد أعلم أنني قد أطلت عليكم ووالله لولا أنني أحاول تحرى الحلال ما أطلت عليكم ، لقد أخذت من صديق تليفون أحد دكاترة الأزهر الشريف وحدثته وكانت إجابته بأنني ليس على شيء سوى كفارة يمين إطعام عشرة مساكين وألا أعود لمثل هذا القسم مرة أخرى. أفتوني في أمري هل حدث طلاق أم لا؟ وماذا أفعل مع حماتي مع العلم أنني لم ولن أمنع زوجتي من الذهاب إليها؟ وكيف أسترد حق أمي؟
آسف مرة أخرى للإطالة ولو فيه استفسار أخبروني وجزاكم الله عنا كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الحلف بالطلاق أو تعليقه على شيء ما بنية التهديد مما وقع فيه الخلاف بين الفقهاء هل يقع به الطلاق أو لا؟ فالجمهور على وقوع الطلاق، وذهب بعض العلماء إلى أنه تلزم كفارة يمين فقط.

ومن أفتاك بأنه تجب عليك كفارة يمين ربما كانت هذه الفتوى بناء على هذا القول الأخير، فإن كان ممن تثق بعلمه ودينه وقلدته في فتواه هذه فلا حرج عليك في ذلك، فخذ ما أفتاك به ولا تكثر التنقل بين المفتين فإن هذا قد يوقعك في الشك والحيرة.

وخصال كفارة اليمين فيها ترتيب وتخيير وقد بيناها بالفتوى رقم 204. فراجعها، وهذا كله على تقدير أنك قد حنثت في هذه اليمين.

وأما إذا لم تحنث فلا شيء عليك، والمخرج والأحوط أن لا تدخل حماتك إلى بيتك حتى لا يقع الحنث خصوصا وأن مذهب الجمهور قوي بل هو الراجح عندنا والذي نفتي به.

والبديل عن دخول حماتك إلى بيتك أن تقوم زوجتك بزيارة أمها في بيتها، ووسائل الصلة كثيرة غير الزيارة كالاتصال الهاتفي والإهداء ونحوهما.

وننبه إلى أمور:

الأول: الحذر من الغضب، واتباع الهدي النبوي عند وروده. وانظر الفتوى رقم: 8038. والغضب لا يمنع من وقوع الطلاق إلا إذا فقد صاحبه وعيه كما بينا بالفتوى رقم: 15595

لثاني: اجتناب ألفاظ الطلاق وجعلها وسيلة لحل المشاكل في الحياة الزوجية.

الثالث: أنه ينبغي للمسلم قبول عذر من جاء معتذرا، وأمك هي صاحبة الحق فإن شاءت سامحت أم زوجتك وقبلت العذر، وهذا من المعروف وكريم الخلق.

بل الأولى لك أن تقوم بدور المصلح بين والدتك وحماتك في هذه القضية لا بدور الخصم. فالإصلاح بين الناس قربة عظيمة كما هو مبين بالفتوى رقم: 54733 وههنا أمر وهو أنه إذا لم يبلغ أمك سب أم زوجتك لها فالأولى أن لا تخبرها، وأن تكثر أم زوجتك من الدعاء لها، فإخبارها بما حدث قد يترتب عليه مفاسد أعظم في الغالب. وراجع الفتوى رقم: 137542.

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني