الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شرح حديث (..فهو خير لكما من خادم)

السؤال

مامعنى: خير لك من خادم ـ في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم لفاطمة ألا أدلك على ما هو خير لك من خادم تسبحين إلى آخره؟ أرجو معرفة فائدة التسبيح المذكور.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد جاء في فتح الباري لابن حجر: وقد اختلف في معنى الخيرية في الخبر، فقال عياض: ظاهره أنه أراد أن يعلمهما أن عمل الآخرة أفضل من أمور الدنيا على كل حال، وإنما اقتصر على ذلك لما لم يمكنه إعطاء الخادم ثم علمهما إذ فاتهما ما طلباه ذكرا يحصل لهما أجرا أفضل مما سألاه.

وقال القرطبي: إنما أحالهما على الذكر ليكون عوضا عن الدعاء عند الحاجة، أو لكونه أحب لابنته ما أحب لنفسه من إيثار الفقر وتحمل شدته بالصبر عليه تعظيما لأجرها.

وقال المهلب: علم صلى الله عليه وسلم ابنته من الذكر ما هو أكثر نفعا لها في الآخرة وآثر أهل الصفة، لأنهم كانوا وقفوا أنفسهم لسماع العلم وضبط السنة على شبع بطونهم لا يرغبون في كسب مال ولا في عيال، ولكنهم اشتروا أنفسهم من الله بالقوت، ويؤخذ منه تقديم طلبه العلم على غيرهم في الخمس.

وفيه ما كان عليه السلف الصالح من شظف العيش وقلة الشيء وشدة الحال وأن الله حماهم الدنيا مع إمكان ذلك صيانة لهم من تبعاتها وتلك سنة أكثر الأنبياء والأولياء .اهـ.

وفي تحفة الأحوذي للمباركفوري: قال العيني: وجه الخيرية إما أن يراد به أنه يتعلق بالآخرة والخادم بالدنيا والآخرة خير وأبقى، وإما أن يراد بالنسبة إلى ما طلبته بأن يحصل لها بسبب هذه الأذكار قوة تقدر على الخدمة أكثر مما يقدر الخادم تقولان ثلاثا وثلاثين وثلاثا وثلاثين وأربعا وثلاثين من تحميد وتسبيح وتكبير، وفي الرواية المتفق عليها ـ كما في المشكاة ـ فسبحا ثلاثا وثلاثين وأحمدا ثلاثا وثلاثين وكبرا أربعا وثلاثين.

وفي مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: فهو أي: التسبيح وما بعده إذا قلتماه في الوقت المذكور، وقيل: أي: ما ذكر من الذكر خير أي: أفضل لكما أي: خاصة، وكذا لمن قاله وعمل به من خادم الخادم واحد الخدم يقع على الذكر والأنثى.

قال العيني: وجه الخيرية إما أن يراد به أن يتعلق بالآخرة والخادم بالدنيا والآخرة خير وأبقى.

وإما أن يراد بالنسبة إلى ما طلبته بأن يحصل لها بسبب هذه الأذكار قوة تقدر على الخدمة أكثر مما يقدر الخادم عليه.

وفي الحديث حمل الإنسان أهله على ما يحمل على نفسه من إيثار الآخرة على الدنيا إذا كانت لهم قدرة على ذلك.

وفيه بيان إظهار غاية التعطف والشفقة على البنت والصهر ونهاية الاتحاد برفع الحشمة والحجاب حيث لم يزعجهما عن مكانهما فتركهما على حالة اضطجاعهما وبالغ حتى أدخل رجله بينهما ومكث بينهما حتى علمهما ما هو الأولى بحالهما من الذكر عوضًا عما طلباه من الخادم فهو من باب تلقي المخاطب بغير ما يطلب إيذانًا بأن الأهم من المطلوب هو التزود للمعاد والصبر على مشاق الدنيا والتجافي عن دار الغرور.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني