الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلق زوجته بعد خلوة شرعية ثم ارتجعها قبل تمام عدتها

السؤال

يوجد في فتاويكم حول إرجاع المطلقة التي عقد عليها ولم يدخل بها أنه إذا حدثت خلوة فانه يمكن أن يراجعها زوجها في أقوال عدد من الصحابة عند وقوع الطلاق.
هل إذا حدثت خلوة أكثر من مرة وقبل الرجل زوجته ورأى منها إلا ما بين السرة والركبة ورفضت الجماع إلا بعد الزفاف والدخول. هل إذا حدث طلاق يمكن للرجل إرجاعها بقول راجعت فلانة لنكاحي خلال العدة أم لابد من العقد عليها من جديد؟
يعنى السؤال حول نقطة فيها خلاف: إذا حدثت خلوة لكن الزوجة رفضت الجماع ولم يحدث أبدا أن رأى الرجل ما بين السرة والركبة هل يمكن أن يراجعها زوجها بالقول فقط أم لابد من العقد عليها؟ البعض يقول إن القول الفصل هو إذا رأى منها ما لا يرى الرجل إلا من امرأته فتصح الرجعة والبعض يقول لابد من خلوة يمكن فيها الجماع وحيث إنها رفضت لا تصح الرجعة؟
لقد قال الرجل خلال العدة راجعت فلانة لنكاحي هل الرجعة صحيحة أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد سبق في الفتوى رقم: 131406، وما أحالت عليه بيان حقيقة الخلوة الشرعية وبعض ما يترتب عليها من أحكام، وإذا حصلت خلوة شرعية بين الزوجين ولم يحصل دخول ثم حصل طلاق فمذهب الجمهور على عدم صحة الرجعة بعد ذلك خلافا للحنابلة.

قال ابن قدامة في المغني: والخلوة كالإصابة , في إثبات الرجعة للزوج على المرأة التي خلا بها, في ظاهر قول الخرقي ; لقوله : حكمها حكم الدخول في جميع أمورها . وهذا قول الشافعي , في القديم . وقال أبو بكر : لا رجعة له عليها إلا أن يصيبها . وبه قال النعمان , وصاحباه والشافعي في الجديد ; لأنها غير مصابة , فلا تستحق رجعتها , كغير التي خلا بها.

ولنا قوله تعالى: { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن... إلى قوله : وبعولتهن أحق بردهن في ذلك } . ولأنها معتدة من طلاق لا عوض فيه , ولم تستوف عدده , فثبت عليها الرجعة كالمصابة , ولأنها معتدة يلحقها طلاقه , فملك رجعتها , كالتي أصابها. انتهى.

ومن شروط الارتجاع عند المالكية أن يتقارر الزوجان بالإصابة.

جاء في حاشية الدسوقي المالكي: حاصله أن الرجعة لا تصح إلا إذا ثبت النكاح بشاهدين, وثبتت الخلوة, ولو بامرأتين وتقارر الزوجان بالإصابة، فإذا طلق الزوج زوجته ولم تعلم الخلوة بينهما , وأراد رجعتها فلا يمكن منها لعدم صحة الرجعة ; لأن من شرط صحة الرجعة أن يقع الطلاق بعد الوطء للزوجة, وإذا لم تعلم الخلوة فلا وطء فلا رجعة. انتهى.

وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 103377أن الراجح مذهب الحنابلة لقوة دليله، وبناء على ذلك فإن كان الزوج المذكور قد طلق زوجته بعد خلوة شرعية ثم ارتجعها قبل تمام عدتها فإن رجعته صحيحة، وراجع في ما تحصل به الرجعة الفتوى رقم: 30719.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني