الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الجمع في المطر والبرد والثلج

السؤال

أصلي في مسجد جامع في أوروبا هنا والناس رغم الثلوج والأمطار والبرد لا يعرفون رخصة الجمع مطلقا. فهل يمكنني أن أجمع وحدي عقب صلاة الفريضة مع الناس؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالجمع بين الصلاتين لأجل المطر رخصة ثابتة في قول الجمهور، وهو إنما شرع لتحصيل ثواب الجماعة، ولذا ذهب كثير من العلماء إلى أن من لا يتأذى بالذهاب إلى المسجد أو كان يصلي في بيته ولو جماعة أو في المصلى منفردا لا يشرع له الترخص بالجمع لعدم وجود المقتضي للجمع.

قال الرملي في نهاية المحتاج: والأظهر تخصيص الرخصة بالمصلي جماعة بمسجد أو غيره بعيد عن محله عرفا بحيث يتأذى تأذيا لا يحتمل في العادة بالمطر في طريقه إليه، إذ المشقة إنما توجد حينئذ؛ بخلاف ما لو انتفى شرط من ذلك كأن كان يصلي في بيته منفردا أو جماعة، أو يمشي إلى المصلى في كن أو قرب منه أو يصلي منفردا بالمصلى لانتفاء تأذيه فيما عدا الأخيرة والجماعة فيها. انتهى.

وإلى هذا ذهب المالكية فلم يجوزوا الجمع لأجل المطر للمنفرد إذ لا حاجة به إلى الجمع، والأصل وجوب إيقاع الصلاة في وقتها.

جاء في شرح الخرشي على خليل في شرح قول خليل: ولا منفرد بمسجد كجماعة لا حرج عليهم.: يعني أن المنفرد بمسجد لا يجمع بين العشاءين إذا كان لا ينصرف منه بل ولو كان ينصرف منه إلى منزله إذ لا مشقة عليه في إيقاع كل لوقته لأن شرط الجمع الجماعة، إلا أن يكون إماما راتبا فيجمع كما أن الجماعة المنقطعين بمدرسة ، أو تربة لا يجوز لهم الجمع إذ لا حرج ولا مشقة عليهم لعدم احتياجهم إلى الانصراف من مكانهم إلى غيره. انتهى.

وذهب بعض العلماء إلى أنه إذا وجد السبب المقتضي للترخيص وهو المطر جاز الترخص بكل حال، وهو مقابل الأظهر عند الشافعية.

قال في النهاية: ومقابل الأظهر يترخص مطلقا. انتهى.

وفي الروض المربع من كتب الحنابلة: وله الجمع لذلك (ولو صلى في بيته أو في مسجد طريقه تحت ساباط) ونحوه لأن الرخصة العامة يستوي فيها حال وجود المشقة وعدمها كالسفر. انتهى.

وإذا علمت ما مر فالذي نراه هو أنه لا يجوز لك الجمع بين الصلاتين إذا كنت ستصلي الثانية منفردا، لعدم المشقة عليك في التفريق والأصل هو وجوب إيقاع الصلاة في وقتها، وينبغي لك أن تبين السنة للناس وتذكر لهم حكم الجمع بين الصلاتين لأجل المطر وأنه رخصة رخصها الله لعباده وأن هذا من يسر الشريعة ورفعها الحرج عن المكلفين.

والبرد والثلج قد اختلف أهل العلم في الجمع بهما بين مجيز ومانع، ومفصل بين ما إذا كان البرد شديدا وكان الثلج قطعا كبارا يخشى منه جاز وإلا فلا. وهذا التفصيل مذهب الشافعية، والجواز مذهب الحنابلة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني