الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العصمة لا تزول بشكوك المريض بالوسواس

السؤال

شيخنا الفاضل: أرجو من فضيلتكم قراءة رسالتي بتمعن فكل حرف منها مهم وأرجو منك أن يتسع صدرك لي وجزاك الله خيرا: لا أعرف من أين أبدأ، لكنني أرجو من الله العلي القدير أن يعينني أن أوصل لحضرتك سؤاليالموضوع هو: أنني مُصاب بوسواس غريب يأتيني بشكل متلاحق وبالبحث عن طريق الإنترنت عرفت أن هذا يسمى بالوسواس القهري، بدأ الموضوع عندما قرأت عن كنايات الطلاق وبدأت أتذكر مواقف وكلمات قلتها لزوجتي وأكتب المواقف التي قلت فيها هذه الكلمات وبدأت أسأل العلماء الأفاضل ـ أمثال حضرتك ـ وبدأت الإجابات تفيدني بأن ما قلته لا يقع به الطلاق، لأن الكنايات تحتاج إلى نية قصد الطلاق وـ الحمد لله ـ بدأت شبهات الشيطان تزول، لكن بدأ الموضوع باتجاه آخر، فبعد أن كنت خائفا من المواقف التي ذكرتها للعلماء وتبين لي ـ والحمد لله ـ أنها مجرد وساوس كان سببها قلة علم، والآن بدأ الموضوع يتحول معي إلى درجة أنني عندما أتكلم مع أي شخص عن أي شيء يخص زوجتي ـ فأنا مسافر وأحيانا يسألني بعض الأصدقاء لم لا تحضر زوجتك معك؟ فأقول لهم إن الحالة المادية لا تسمح ـ يأتيني الوسواس وأحيانا أكون أشرح للطلاب ـ فأنا معلم انجليزية ـ وكنت أعلمهم بعض الكلمات تخيل يا شيخنا أنه جاءني الوسواس لأنني قلت كلمة: هير بوك ـ وترجمتها لهم كتابة، والمشكلة أن الموضوع بدأ يأخذ صورة وشكلا غريبا في الدعاء فقد بدأت أستخدم الأذكار والدعاء لدفع الوسواس وتخيل يا شيخنا الكريم أنني كنت أردد هذا الدعاء: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك ـ وعندما قلت كلمة ماض في حكمك تأتيني أفكار بأنني قصدت الطلاق مع أن علاقتي بزوجتي جيدة، لكن تبدأ الأفكار تطاردني إلى درجة أنني عند كتابة فتوى أو سؤال لعالم من العلماء كي أعرف إجابة يأتيني الوسواس وأقول لنفسي أنا لم أقصد بكتابة السؤال إلا السؤال وبالتالي، فلا يقع الطلاق بذلك وأّذكر نفسي بقول الله تعالى: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ـ وعند دعائي في صلاتي: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ـ تطاردني الأفكار بأنني كنت من الظالمين أقصد بها أن علاقتي بزوجتي بها شيء وبالتالي أنا من الظالمين، وبدأت أقاوم تلك الفكرة وبدأت أردد هذا الدعاء مرات كثيرة بنية تفريج الكرب والهم وكنت أقرأ القرآن وفي سورة الرعد قوله تعالى: كذلك يضرب الله الحق والباطل {آية: 17}.
فبدأت الأفكار وبدأت الوسواس وكنت أستمع لأحد الأناشيد التي تمدح النبي صلى الله عليه وسلم: وفيها مقطع يقول: حقق الله مرادي زرت خير الشافعين ـ وعندما قلت المقطع الأول جاءتني الأفكار والوسواس بأنني قصدت الدعاء أن الله يحقق مرادي في الطلاق، وهذا لا أريده أبدا فزوجتي هي أحب الناس إلي وأنا أحبها وأحترمها وأيضا كنت أردد نشيدا قد يبدو لحضرتك ولي أيضا أن هذا من غير المعقول وأن هذه الأفكار هي وسواس فقط، لكنني أعاني من مطاردة تلك الأفكار لي ولا أريد أن أفتي نفسي، فللفتوى علماء ولها أهلها وأريد رأيك حتى حين تأتيني الوسواس أقول لقد أفتاني الشيخ وأنا أثق به، ولا تتخيل حجم المعاناة التي أعانيها من الوسواس، فأنا في حيرة من أمري حتى وأنا أكتب إليك الآن يطاردني الوسواس، لكنني أعرف أنه تجب علي استشارتكم حتى توجهوني للصحيح وقد أرسلت لفضيلتكم عدة أسئلة وقد أجبتموني لكن المشكلة أنني بدأت أشك في الألفاظ التي صدرت مني ويأتيني الوسواس أن اللفظ الذي ذكرته في أسئلتي غير صحيح وأنه يجب تعديل السؤال ويحدث شك في اللفظ وأحيانا في النية وبمراجعة فتاوى في موقع الشبكة الإسلامية وجدت أراء لهم بأن الشك لا يمكن الأخذ به، هذه هي حالتي أكتبها إليك لتوضح لي الحقيقة، أعرف أنه ينبغي أن لا ألتفت للوساوس، لكن أحيانا أضعف أمامها وتتصارع في رأسي، وأحيانا أحس أنها لا شيء وبالتالي، فإن أفضل شيء يعينني على مقاومة الوساوس هو التسلح بالعلم وهذا قد أفادني كثيرا في مواجهة الوسواس فموضوع الوسواس جعلني أفتح كتب الفقه وأقرأ كثيرا كي أقاوم هذا الوسواس وعلمت أنه ليست كل كلمة يمكن أن نقول عنها أنها كناية الطلاق، لكن أريد أن أعرف من حضرتك، هل الآيات والأدعية والأناشيد التي ذكرتها في سؤالي يمكن أن تندرج الألفاظ الموجودة فيها تحت باب كنايات الطلاق أم لا؟ ومراعاة لحالتي أرجو من حضرتك الاهتمام برسالتي والرد على سؤالي بخصوص تلك الألفاظ هل هي في الأصل كنايات طلاق أم لا؟ بارك الله فيك وفي علمك وجزاك الله خيرا وجعلك الله عونا لي على الشفاء من تلك الوساوس.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك، ونوصيك بالاستعانة بالله تعالى وسؤاله دفع هذا البلاء، فمن استعان بالله أعانه، وعليك بالرقية الشرعية، ولمزيد الفائدة فيما يتعلق بعلاج الوسواس القهري نرجو أن تطالع الفتوى رقم 3086.

ولتعلم أن كل الحالات التي ذكرت لا علاقة لها بالطلاق ـ لا من قريب ولا من بعيد ـ ثم إن طلاق الموسوس باللفظ الصريح غير واقع، ويقين بقاء الزوجة في عصمة زوجها لا يزول بمثل هذه الشكوك، فلا تلتفت لأي أوهام، أو وساوس بهذا الخصوص، فإنها قد تجرك إلى أمور خطيرة وكبيرة، فالعلاج في الإعراض التام عنها وقد أحسن من قال:

والشك بعد الفعل لا يؤثر وهكذا إذا الشكوك تكثر

أو يك وهماً مثل وسواس فدع * لكل وسواس يجي به لكع.

ويقصد باللكع الشيطان، لأنه سبب هذه الوساوس، وهو يريد بذلك أن يفسد عليك دينك وينكد عليك حياتك فاعتصم بالله، قال تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمالنصير {الحج: 78 }.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني