الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف توزع العقيقة؟ وهل يجزئ التصدق بثمنها؟

السؤال

أنا أم لطفلتين، وأعيش في دولة عربية، وعند ولادتي لطفلتي الأولى منذ أربع سنوات لم أستطع إقامة العقيقة نظرا لظروف غربتنا، وعدم معرفتنا بالفقراء في هذه البلد، فقرر زوجي أن نقيم العقيقة في منزل حماتي عند نزولنا لإجازتنا السنوية، وقد كان وأخذنا الإجازة وسافرنا لبلدنا فقررنا إقامة العقيقة، وفوجئت بأشياء غريبة تحدث وهي أن حماتي عزمت كل أهلها وأخواتها وأولادهم وأقاربهم، وزوجي اشترى الذبيحة ولم يشاركوني في أي مراسم لها، وفوجئت يوم العزيمة أن حماتي عزمت عددا كبيرا جدا من الناس من أقاربها والميسورين جدا وادعت ـ والله أعلم ـ أنها وزعت جزءا لله واشترت جزءا آخر، لأن الذبيحة لم تكف هذا العدد.
وبعد ذلك اكتشفت أنها استقطعت جزءا من الذبيحة لبناتها ولأولادها، ووضعت الباقي في ثلاجتها دون الرجوع لي في أي شيء، وأعطتني جزءا لا يتعدى كيلو واحدا لأمي وأخواتي كهدية من العقيقة مدعية أن الذبيحة لم تكف إطلاقا، فكيف ذلك وهي محتفظة بجزء منها؟ ولم تراع أن لي أقارب وأعرف فقراء ومساكين ولي الحق أن أوزع من العقيقة.
وللأسف اكتشفت بهذه الأفعال أنها لم توزع الذبيحة بالشكل الشرعي، وأنها احتفظت بجزء من الذبيحة لها وأهدت لبناتها الميسورين ماديا رغم حضورهن للعزيمة الكبيرة وتذوقهم منها، والآن رزقني الله بطفلة وينوى زوجي أن نقيم العقيقة في بيت والدته كما حدث مع ابنتنا الكبرى، وأنا بصراحة أخشى أن لا توزع وفق شرع الله، وأن تتدخل حماتي وتتحكم في الذبيحة وتوزعها هي بمعرفتها، فهل هناك بديل لعدم ذبح الذبيحة والتصدق بثمنها للفقراء؟ لأن الأمر محرج جدا أن أقول لحماتي اتركيني أوزعها بنفسي وفق شرع الله، فربما تحدث مشاكل لو قلت ذلك وفي نفس الوقت أرفض تصرف حماتي، وأعلم أنها لن توزعها بالشكل الشرعي.
فرجاء كتابه فتوى للبديل عن إقامة عقيقة وحفلة، أو فتوى بعدم إجازة العقيقة بهذا الشكل مع توضيح الحل، فماذا أفعل حتى تصل العقيقة للفقراء بشكل أكون متأكدة منه أنها وصلت لهم بالفعل بالطريقة الشرعية؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالعقيقة سنة غير واجبة، فمن تركها لم يكن عليه إثم، ولكن لا ينبغي لمن قدر على فعلها أن يتركها، ولا تحصل العقيقة بالتصدق بثمنها، ثم إن ذبح العقيقة أولى وأفضل من الصدقة بقيمتها، فإن في فعلها بركة اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وخروجا من خلاف من أوجبها من العلماء ـ وهم الظاهرية ـ قال ابن قدامة ـ رحمه الله: فصل: والعقيقة أفضل من الصدقة بقيمتها نص عليه أحمد، وقال إذا لم يكن عنده ما يعق فاستقرض رجوت أن يخلف الله عليه إحياء السنة.

قال ابن المنذر: صدق أحمد. إحياء السنن واتباعها أفضل، وقد ورد فيها من التأكيد في الأخبار التي رويناها ما لم يرد في غيرها، ولأنها ذبيحة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بها فكانت أولى كالوليمة والأضحية. انتهى

والعقيقة كالأضحية في شروطها ومصرفها، فيجب أن يتصدق منها بما يقع عليه اسم اللحم، ومهما واسى الفقراء منها كان حسنا، قال في الروض: وحكمها ـ أي حكم العقيقة ـ فيما يجزئ ويستحب ويكره والأكل والهدية والصدقة كالأضحية. انتهى.

واستحب كثير من العلماء في الأضحية والعقيقة أن يجعلها أثلاثا، فيهدي ثلثا ويتصدق بثلث ويأكل ثلثا، وليس هذا واجبا، وإنما الواجب ـ كما مر ـ أن يتصدق بما يقع عليه اسم اللحم، ومن العلماء من يرى جواز أكل جميعها، وأنه لا تجب الصدقة بشيء منها، والأول أحوط.

وبما قدمناه تعلمين أنه لا يقوم غير العقيقة مقامها، وأن الأولى ذبح العقيقة ولو في بيت أم زوجك، وإن أكل أكثرها، أو أهدي لغير الفقراء لم يكن في ذلك حرج إذا حصلت الصدقة على الفقراء بشيء منها، ويمكنك تذكير أم زوجك بأسلوب طيب مهذب بأن تراعي في القسمة الفقراء وتجعل لهم نصيبا وافرا، ثم إن أردتم الصدقة بعد ذلك فبابها واسع وفضل الصدقة عظيم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني