الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاستعجال قد يكون مانعا من إجابة الدعاء

السؤال

أنا فتاة عمري 21 سنة، ومنذ زمان أريد أن أتزوج بدأت أدعو الله، ولكن كنت مع الأسف أعمل بعض الذنوب والآن قررت التوبة والتوقف عن المعاصي والإكثار من الاستغفار حتى تستجاب دعوتي، وعلمت أن التوكل على الله وتفويض الأمر إليه والثقة به وحسن الظن بالله عز وجل، وكذلك اليقين بالإجابة هي السبب الأول والأخير في استجابة الدعاء، لهذا قررت أن أقوم بكل هذه الأمور وفعلا تبت وبدأت أكثر ـ ولله الحمد ـ من الأعمال الصالحة والاستغفار وتوكلت على الله عز وجل وفوضت إليه أمر زواجي، ومع الأسف منذ أن بدأت أعمل هذا الشيء لا أجد راحة نفسية، بل على عكس المتوقع والمرجو، ودائما تأتيني شكوك فأقول في نفسي هل من الممكن أن يستجاب دعائي؟ وهل من المعقول أنني لما توكلت على الله سوف أتزوج وغيرها من الأمور التي تتناقض مع التوكل على المولى سبحانه، ولا أعرف هل هذا الشيء عدم ثقة في نفسي؟ أم عدم ثقة في الله سبحانه وتعالى ـ والعياذ بالله ـ وعندما تأتيني هذه الشكوك أتضايق كثيراً وأستغفر الله منها، فأنا أعلم علم اليقين قدرة الله عز وجل، وأعلم أن من يتوكل على الله فهو حسبه وغيرذلك من الأمور، ولكن لا علم لماذا تأتيني هذه الشكوك؟ وهل هي وسوسة من الشيطان الرجيم؟ أم أن نفسي خبيثة وأمارة بالسوء وغير مؤمنة؟ وهل يا ترى سبب هذا أنني لم أرد بتوبتي وجه الله؟ مع العلم أنني لم أتب لأتزوج ـ فقط ـ بل لأنال رضا الله عز وجل والجنة، وكذلك أنوي الاستمرار على الطاعة حتى إن تزوجت، وماذا علي أن أفعل حتى أكون متوكلة وواثقة بالله عز وجل أتم التوكل والثقة وبكل جوارحي وقلبي؟ وكيف أستشعر هذا التوكل والظن الحسن بالله؟ وماذا علي أن أفعل حتى أزيل هذه الشكوك؟ فوالله أنا متضايقة جداً ولا أريد أن أتوقف أبدا عن التوبة، فأنا سعيدة جداً بتوبتي. أرجوكم أفيدوني جعل الله ذلك في ميزان حسناتكم، وجزاكم الله ألف خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى أن يتقبل توبتك، وأن يرزقك الثبات عليها وأن يرزقك زوجاً صالحاً تقر به عينك، وأما بالنسبة لما ذكرت من عدم وجود الراحة النفسية: فإن من الثابت شرعاً أن ذكر الله تعالى وطاعته من أعظم أسباب راحة النفس، قال الله تعالى: أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}. وقال سبحانه: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً {النحل:97}.

فإذا لم تجدي هذه الثمرة في قلبك فقد يكون ذلك لتقصير في تحقيق شروط الدعاء، أو لوجود شيء من الموانع أو الشواغل ككثرة التفكير في أمر الزواج، أو غيره من المشاكل، واعلمي أن من دعا الله تعالى أجابه كما وعد، فالمطلوب منك تحقيق الشروط وأن تتيقني إجابة الدعاء ولا تستعجلي، فالاستعجال قد يكون مانعاً من الإجابة، كما بينا في الفتوى رقم: 63158.

وهذه الشكوك التي تنتابك قد تكون من الخواطر الشيطانية، فاجتهدي في مدافعتها، وأكثري من الاستعاذة بالله تعالى من شرها، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 17066، ففيها بيان سبل جلب اليقين بالله تعالى عموماً. ونضيف هنا أن من أسباب كسب الثقة بالله وأنه مجيب الدعاء تدبر نصوص القرآن والسنة وسيرة السلف التي تبين قصصاً واقعية في استجابة الله تعالى دعاء أنبيائه والصالحين من عباده، ونوصيك بأن تحاولي الاستعانة ببعض أخواتك الصالحات في البحث عن زوج. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 18430.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني