الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

انتزعت الدولة أرضه وحكم له بقيمة معينة مع فائدة قانونية فهل يأخذها

السؤال

قامت دائرة الآثار باستملاك قطعة أرض لي ، وقد قمت بالاعتراض على تقديرهم لقيمة الأرض، وحكمت لي المحكمة بقيمة الأرض زائد فائدة قانونية بمقدار 9% من تاريخ صدور الحكم وحتى السداد التام ، علما بأن الحكم بالفائدة يعتبر من النظام العام لا تملك المحكمة إلا أن تحكم به ، علما بأنه تم استملاك ارضي ومنعي من الاستفادة منها منذ خمس سنوات ، وعلما بأنه حتى بعد صدور الحكم لا أستطيع أخذ قيمة أرضي إلا بعد مدة لا تقل عن سنة على الأقل حيث إن هناك إجراءات كثيرة ، السؤال هل الفائدة في هذه الحالة حلال أم حرام، لأنني لم أترك مالي كل هذه المدة باختياري لكي أتحصل على الفائدة ، بل إنني كنت مجبرا على ذلك ، فقانون الاستملاك عندنا تفرضه الدولة ولا يتم دفع القيمة إلا بعد مدد طويلة يتم خلالها حرمان صاحب الأرض المستملكة من الانتفاع بأرضه ، أفيدونا وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فانتزاع الدولة لشيء من أملاك رعاياها إن كان لمصلحة عامة تدعو إليها الحاجة، فإنه يجوز بشروط نص عليها قرار (المجمع الفقهي) ومنها: أن يكون نزع العقار مقابل تعويض فوري عادل يقدره أهل الخبرة بما لا يقل عن ثمن المثل اهـ.

وقد سبق لنا بيان ذلك ونقل ما يتعلق به من القرار، في الفتوى رقم: 04429.

واشتراط الفورية وثمن المثل إنما هو لرفع الظلم عن صاحب الأرض، فإذا تقرر هذا فإن لك على الجهة التي صادرت أرضك أن تعوضك تعويضا عادلا، ولا تحوجك إلى مقاضاة ولا إلى غير ذلك من المعاناة، وفقد المنافع وتعطيل المصالح، فإن هذا من الظلم البيِّن.

وقواعد الشريعة تأبى إقرار مثل هذا الظلم حتى ولو كانت الأرض قد انتزعت لمصلحة حقيقية عامة !! ورفع الظلم مطلب شرعي، وتقدير القيمة الحقيقية والتعويض المناسب عن الضرر الفعلي الواقع عليه إنما يحكم به أهل الخبرة بحسب الواقع.

وقد تكون القيمة التي أقرتها المحكمة ومعها الفائدة المذكورة في التعويض العادل في نظرها بعد خمس سنوات من المصادرة، ولكن من حيث النظر الشرعي فإن احتساب فائدة مستمرة بحسب مدة المماطلة وحتى الانتهاء من السداد فيه غرر وظلم.

إنما الذي يقتضيه النظر الشرعي ويوجبه هو التعويض العادل الفوري كما تقدم، ويوجب أيضا تحمل المماطل المليء تكاليف التقاضي الذي لحق بالشخص صاحب الأرض.

وإذا كان كذلك فلا حرج على السائل في الأخذ من هذه الفائدة القانونية ما يحكم به أهل الخبرة والعلم الشرعي أنه حقه.

ولا يخفى أنه يتعذر علينا تقدير ذلك، فعليك أن تراجع أهل العلم والخبرة في بلدك لتقدير حقك، فإن زاد على قيمة هذه الفائدة القانونية فلا حرج عليك في أخذها كلها، وإلا أخذت منها ما يعادل ذلك، وأنفقت ما يبقى في المصالح العامة وعلى الفقراء والمساكين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني