الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى حديث: كاسيات عاريات رؤوسهن كأسنمة البخت

السؤال

هناك حديث للرسول صلى الله عليه وسلم يصف نساء لا يدخلن الجنة، وصفاتهن أنهن كاسيات عاريات رؤوسهن كأسنمة البخت ـ هل المقصود هنا أنه إذا اجتمعت هذه الصفات في المرأة أي أنها كاسية عارية ورأسها كسنام البخت؟ أم إذا اتصفت المرأة بصفة واحدة منها يكفي ذلك لوقوعها في المعصية؟ وهل أي بروز في الشيلة هو المقصود في الحديث؟ فأنا أريد أن أضع ربطة تحت شيلتي لتجعلها أضخم قليلا ولتكون أكثر جمالا للشيلة، ولكن ليس بالحجم الكبير، فهل يجوز ذلك أم لا؟.
ملاحظات وتوضيحات:
أولا: أريد أدلة صحيحة بمعنى لا أريد اعتبار رأي، أو اجتهاد أحد التابعين، أو المشايخ ـ جزاهم الله خيرا ـ دليلا.
ثانيا: عندما قلت أن انتفاح الشيلة يجعلها أجمل ـ بشكل بسيط وليس ما نراه فوق رؤوس غالبية البنات اليوم ـ
فالبعض سيرى قولي، أو اهتمامي بمظهر جميل للشيلة خطئا، لا ليس خطئا أبدا فالله جميل يحب الجمال، والإسلام أمرنا بالستر لا التقبيح، فالستر لا يعني تقبيح المرأة لشكلها، أو عدم الاهتمام بمظهرها نعم تهتم بملابسها ولكن في حدود الشرع وبشكل لائق ومحترم.
والله أعلم.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاتصاف المرأة بواحدة من الصفات المذكورة في الحديث المشار إليه تكفي لدخولها في النهي والمعصية ولا يشترط اجتماع الصفات كلها، قال الزركشي: وَفَرَّقَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بن دَقِيقِ الْعِيدِ في شَرْحِ الْإِلْمَامِ بين النَّهْيِ عن الْجَمْعِ وَالنَّهْيِ على الْجَمْعِ بِأَنَّ النَّهْيَ على الْجَمْعِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ من كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَأَمَّا النَّهْيُ عن الْجَمْعِ من فِعْلِهِمَا مَعًا بِقَيْدٍ الْجَمْعِيَّةِ وَلَا يَلْزَمُ منه الْمَنْعُ من أَحَدِهِمَا إلَّا مع الْجَمْعِيَّةِ فَيُمْكِنُ فِعْلُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَالنَّهْيُ عن الْجَمْعِ مَشْرُوطٌ بِإِمْكَانِ الِانْفِكَاكِ عن الشَّيْئَيْنِ، وَالنَّهْيُ على الْجَمْعِ مَشْرُوطٌ بِإِمْكَانِ الْخُلُوِّ عن الشَّيْئَيْنِ فَالنَّهْيُ على الْجَمْعِ مَنْشَؤُهُ أَنْ يَكُونَ في كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَفْسَدَةٌ تَسْتَقِلُّ بِالْمَنْعِ، وَالنَّهْيُ عن الْجَمْعِ حين تَكُونُ الْمَفْسَدَةُ نَاشِئَةً عن اجْتِمَاعِهِمَا.

وأما المقصود بقوله صلى الله عليه وسلم: رؤسهن كأسنمة البخت المائلة. فقال النووي ـ رحمه الله: وأما رؤوسهن كأسنمة البخت: فمعناه يعظمن رؤوسهن بالخمر والعمائم وغيرها مما يلف على الرأس حتى تشبه أسنمة الإبل البخت، هذا هو المشهور في تفسيره، قال المازري: ويجوز أن يكون معناه يطمحن إلى الرجال ولا يغضضن عنهم ولا ينكسن رؤوسهن.

وقد يكون النهي عن هذا الأمر لكونه كان شعار الفاسقات، قال ابن الأثير: هُنَّ اللَّواتي يتَعمَّمْن بالمقانِع على رؤُسِهنّ يُكَبِّرنها بها وهو من شعار المُغَنّياَت. وتراجع الفتوى رقم: 143605.

لكن ننبهك إلى أن حرص المرأة على التجمل أمام الأجانب ليس من التجمل الذي يحبه الله، وإنما يحمد ذلك إذا كان لزوجها، فالمرأة مأمورة بإخفاء زينتها عن مخالطة الأجانب، واجتناب كل ما يثير الفتنة ويلفت نظر الرجال، فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة عن التطيب إذا خرجت للمسجد، فقال صلى الله عليه وسلم: وليخرجن وهن تَفِلات.

قال ابن حجر: ويلحق بالطيب ما في معناه، لأن سبب المنع منه ما فيه من تحريك داعية الشهوة كحسن الملبس والحلي الذي يظهر والزينة الفاخرة.

وقال ابن الحاج: لِأَنَّ السُّنَّةَ قَدْ وَرَدَتْ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَخْرُجُ فِي حَفْشِ ثِيَابِهَا وَهُوَ أَدْنَاهُ وَأَغْلَظُهُ.

ومن المعلوم أن المرأة بطبيعتها تحبّ أن تظهر محاسنها وتلفت الأنظار إليها، لكن الواجب على المؤمنة أن تقدّم أمر ربها على رغبات نفسها، وأن تعلم أن الدنيا دار ابتلاء واختبار، وأنّ مخالفة هواها لإرضاء ربها هو سبيل سعادتها في آخرتها ودنياها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني