الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل تتعلق بالشرط الجزائي

السؤال

شيخي الفاضل: ما هو حكم تضمين العقد بشرط جزائي، إذ ذهبت إلى إحدى شركات تقديم خدمات لتوقيع عقد سنوي معها لتزويدي بخدمة، حيث يتم دفع قيمة هذه الخدمة على أقساط شهرية مقدار القسط الواحد 34 دينارا فتضمن العقد شرطا ينص على أنني إن أنهيت العقد قبل نهاية السنة تترتبت علي غرامة مقدارها 150 دينارا وفي هذا المجال ما هو حكم وضع شرط جزائي عند التأخر عن سداد قسط، أو مجموعة، أقساط، أو كل الأقساط؟ كأن يكون الحال كما يلي: إذا تأخرت عن السداد على النحو المفترض آنفا يجب علي دفع غرامة مقدارها كذا دينار؟ وهل يختلف الحال في المسألتين إذا كانت الغرامة نسبة مئوية من قيمة الخدمة، أو الأقساط غير المسددة؟.
وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالشرط الجزائي المقرر لتأخير الوفاء بدين شرط غير شرعي بالاتفاق, لأنه صريح الربا, بخلاف الشرط الجزائي المقرر لعدم تنفيذ الأعمال المتفق عليها ، أو تأخيرها عن الوقت المحدد, حيث يكون محل الالتزام عملا من الأعمال, كما لو أخل المقاول، أو الأجير بما اتفق عليه ولحق الطرف الآخر بسبب ذلك ضرر, فالشرط الجزائي صحيح معتبر استصحابا لللأصل، وراجع تفصيله في الفتويين رقم: 34491، ورقم: 108986.

وبهذا يتبين عدم جواز الشرط الجزائي المتعلق بالتأخر عن سداد قسط، أو مجموعة أقساط، أو كل الأقساط. وأما الشرط الجزائي المتعلق بإنهاء العقد من قبل المستأجر قبل نهاية المدة, وتترتب عليه غرامة معلومة القدر سلفا, فالظاهر أنه لا يجوز ـ أيضا ـ لأن الشرط الجزائي المشروع هو ما يراعى فيه الضرر الواقعي على أحد الطرفين من ناحية, وعدم وجود عذر للطرف الآخر من ناحية أخرى, وقد جاء في القرار الذي أصدره مجلس هيئة كبار العلماء بعد مناقشة البحوث حول الشرط الجزائي ما نصه: فإن المجلس يقرر بالإجماع أن الشرط الجزائي الذي يجري اشتراطه في العقود شرط صحيح معتبر يجب الأخذ به ما لم يكن هناك عذر في الإخلال بالالتزام الموجب له يعتبر شرعا, فيكون العذر مسقطا لوجوبه حتى يزول، وإذا كان الشرط الجزائي كثيرا عرفا بحيث يراد به التهديد المالي, ويكون بعيدا عن مقتضى القواعد الشرعية, فيجب الرجوع في ذلك إلى العدل والإنصاف على حسب ما فات من منفعة، أو لحق من مضرة، ويرجع تقدير ذلك عند الاختلاف إلى الحاكم الشرعي عن طريق أهل الخبرة والنظر. اهـ.

وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن موضوع الشرط الجزائي في البند الخامس: الضرر الذي يجوز التعويض عنه يشمل الضرر المالي الفعلي, وما لحق المضرور من خسارة حقيقية, وما فاته من كسب مؤكد ولا يشمل الضرر الأدبي، أو المعنوي.

سادسا: لا يعمل بالشرط الجزائي إذا أثبت من شرط عليه أن إخلاله بالعقد كان بسبب خارج عن إرادته, أو أثبت أن من شرط له لم يلحقه أي ضرر من الإخلال بالعقد. اهـ.

وفي مثل هذه الصورة لا حاجة للمؤجر إلى مثل هذا الشرط، لأن الإجارة عقد لازم فإذا لم يكن للمستأجر عذر في فسخها فالأجرة للمدة كلها تلزمه ما دام المؤجر بذل منافعه له، ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 134564.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني