الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يؤجر إذا نوى بزواجه قضاء شهوته في الحلال

السؤال

عند الحديث عن الزواج في الدين تكون هناك دعوة في إخلاص النية بأن يكون تحقيقا لمراد الله واستجابة لسنة رسوله وإعفاف امرأة إلخ، ليحصل الأجر، ويكون الحديث عن قضاء الشهوة تحصيل حاصل، لأنه سيكون موجودا على كل الأحوال، ولكن السؤال: أنني شاب فماذا يخطر ببالي عند سماع كلمة زواج؟ ببساطة الجواب هو الجنس، وبعبارة أخرى قضاء الشهوة بالحلال، فهل تحويل النية سيكون بالكلام؟ أعتقد أن ذلك غير كاف فهل أنتظر حتى تكون النية خالصة لوجه الله حتى أتزوج، وأيضا لا توجد طرق ونصائح عملية في كيفية تحويل النية والتأكد منها وهذا لكل الأعمال المباحة وليس للزواج فقط، لماذا يكون الحديث في الخطب والأشرطة عن أهمية النية وخطرها ولا نجد فوائد عملية وخطوات نستطيع من خلالها تحقيق ذلك؟ وكم الوقت في حالنا نحن؟ فنحن لسنا كعمر بن الخطاب عندما جعل محبة الرسول صلى الله عليه وسلم أعظم من محبته لنفسة سريعا وقبولها من الرسول صلى الله عليه وسلم؟ أرجو الإفادة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأعلم أن نية قضاء الشهوة في الحلال نية حسنة يؤجر العبد عليها - إن شاء الله - ففي الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا يا رسول الله: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر.

قال النووي ـ رحمه الله: فالجماع يكون عبادة إذا نوى به قضاء حق الزوجة ومعاشرتها بالمعروف الذي أمر الله تعالى به، أو طلب ولد صالح، أو إعفاف نفسه.

وقال ابن تيمية ـ رحمه الله: وذلك أن المؤمن عند شهوة النكاح يقصد أن يعدل عما حرمه الله إلى ما أباحه الله ويقصد فعل المباح معتقداً أن الله أباحه.

واعلم أن الأولى والأكمل للمسلم أن يجتهد ما استطاع في إخلاص العمل لله واستحضار النية عند الأعمال واحتساب الأجر، فذلك بلا شك أصلح لقلبه وأعظم لأجره، قال الله تعالى: لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا {النساء:114}.

قال السعدي: فهذه الأشياء حيثما فعلت فهي خير، كما دل على ذلك الاستثناء، ولكن كمال الأجر وتمامه بحسب النية والإخلاص، ولهذا قال: وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ـ فلهذا ينبغي للعبد أن يقصد وجه الله تعالى ويخلص العمل لله في كل وقت وفي كل جزء من أجزاء الخير، ليحصل له بذلك الأجر العظيم وليتعود الإخلاص فيكون من المخلصين، وليتم له الأجر، سواء تم مقصوده أم لا، لأن النية حصلت واقترن بها ما يمكن من العمل.

وتحقيق الإخلاص يكون بالمجاهدة والاستعانة بالله واستحضار ثواب الأعمال وتقوية الإيمان بالآخرة وما فيها من النعيم لأهل الصلاح والعذاب لأهل الخسران، والتفكر في نعم الله وتقوية الصلة به، وراجع فيه الفتوى رقم: 10396.

والخلاصة أنما يخطر ببال الشاب وغيره مما ذكر السائل لا يقدح في النية الصالحة إن وجدت، كما أنه لا يمنع من استحضار نية الفوائد الحسنة الأخرى المرجوة من النكاح فلا تنافي بين ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني