الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الموسوس عليه أن يعرض عن التفكير في كونه وقع في الردة

السؤال

كنت في بلاد الغرب وصادفت شخصا قد أوجست في نفسي شرا يأتي منه ، مع العلم أني لدي وسواس قهري في هذا الأمر، وقد سألني هذا الشخص إذا كنت أكره الكنائس ، فأجبت اتقاء لشره وقلبي مطمئن بالإيمان أنها لا بأس بها، وأني زرت إحداها، وكانت تجربة جيدة جدا. ما طبيعة ما وقعت فيه وهل يدخل هذا تحت قوله تعالى : {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً}؟ أفيدوني أفادكم الله تعالى، أم قد أكون قد وقعت في الشرك أو الكفر دون قصد مني، وقد حبط ما عملته في حياتي من صلاة وصيام وحج؟ ، وإن كان الحال كذلك فهل لي من توبة؟ أعيش في كرب وهم، أفيدوني.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن باب التوبة مفتوح لجميع العباد قبل بلوغ الروح الحلقوم فقد قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}

وفي حديث الترمذي: إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر.

ومن علم من نفسه أنه مصاب بالوسواس القهري يتعين عليه الإعراض عن التفكير في كونه ارتد؛ لأن هذا مما يزيد مشاكل الوسوسة عنده، وأما عن طبيعة ما وقعت فيه بسبب خوفك من هذا الرجل فلا يعتبر ردة، لا سيما وقلبك مطمئن بالإيمان كما ذكرت، وذلك أن من نطق بالكفر الصريح بسبب الخوف وهو مطمئن القلب بالإيمان لا يكفر بذلك. لقوله تعالى: مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ{النحل:106}

فكيف بالنطق بما هو محتمل، ويضاف لهذا أن زيارة الكنيسة تجوز في بعض الأحيان، ولم يقل أحد من العلماء بوقوع الكفر بمجرد زيارتها، وقد ذكر أهل العلم أيضا أن من تكلم بكلام يحتمل الردة وغيرها لا يكفر بذلك، كما قال على القارى في شرح الشفا:

قال علماؤنا، إذا وجد تسعة وتسعون وجها تشير إلى تكفير مسلم ووجه واحد إلى ابقائه على إسلامه فينبغي للمفتى والقاضي أن يعملا بذلك الوجه، وهو مستفاد من قوله عليه السلام: ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن وجدتم للمسلم مخرجا فخلوا سبيله، فإن الأمام لأن يخطئ في العفو خير له من أن يخطئ في العقوبة. رواه الترمذي والحاكم . اهـ

مع أن ما وقعت فيه داخل أيضا تحت قوله تعالى: إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً {آل عمران:28} كما قلت فإن أهل العلم ذكروا أن من كان في بلاد الكفر وخاف على نفسه إذا لم يظهر لهم شيئا من الولاء أنه يرفع عنه الحرج في ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني