الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء في وقت الوجوب في زكاة الحبوب

السؤال

ما رأي الدين في زكاة الحبوب؟ كما هو معروف أن زكاة الحبوب هي العشر وتخرج يوم حصاده أي في الحقل إلى أن جاء شيخ وقال إنه زيادة عن هذا وبعد دفعه إلى مركز التجميع التابع لديوان الحبوب عند قبض ثمنه من البنك يجب إخراج الزكاة في يوم قبض المال دون بلوغ الحول على هذا المال، وشكرا جزيلا ودمتم في خدمة الإسلام.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالسؤال غير واضح، ولكننا نقول عموما: إن وقت الوجوب في زكاة الحبوب هو يبسها واستغناؤها عن الماء بحيث تصلح للادخار وللاقتيات هذا مذهب الجمهور، قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل المالكي: وأصله وجوب الزكاة كائن بإفراك الحب، والمراد بالإفراك أن يبلغ حدا يستغنى معه عن السقي وذهاب الرطوبة وعدم النقص وذلك إنما يكون بيبسه. انتهى.

وجاء في المهذب للشيرازي الشافعي: فإذا انعقد الحب وجبت، لأنه قبل أن ينعقد كالخضراوات، وبعد الانعقاد صار قوتا يصلح للادخار. انتهى.

وقال ابن قدامة الحنبلي في المغني: ووقت وجوب الزكاة في الحب إذا اشتد, وفي الثمرة إذا بدا صلاحها.

وقال ابن أبي موسى: تجب زكاة الحب يوم حصاده، لقول الله تعالى: وآتوا حقه يوم حصاده ـ وفائدة الخلاف أنه لو تصرف في الثمرة، أو الحب قبل الوجوب, لا شيء عليه، لأنه تصرف فيه قبل الوجوب, فأشبه ما لو أكل السائمة، أو باعها قبل الحول, وإن تصرف فيها بعد الوجوب لم تسقط الزكاة عنه. انتهى.

وقال النووي في المجموع ـ وهو شافعي: ووقت الوجوب في الحبوب اشتدادها، هذا هو الصحيح المعروف من نصوص الشافعي ـ رضي الله عنه ـ القديمة والجديدة, وبه قطع جماهير الأصحاب في كل الطرق.

وعند الحنفية أن الوجوب يستقر بمجرد خروج الحبوب من الأرض، جاء في بدائع الصنائع للكاساني الحنفي: ولأبي حنيفة قوله تعالى: أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ـ أمر الله تعالى بالإنفاق مما أخرجه من الأرض، فدل أن الوجوب متعلق بالخروج. انتهى.

وتخرج الزكاة من الحبوب بعد تصفيتها من السنابل ونحوها، قال ابن قدامة في المغني: ووقت الإخراج للزكاة بعد التصفية في الحبوب والجفاف في الثمار، لأنه أوان الكمال وحال الادخار، والمؤونة التي تلزم الثمرة إلى حين الإخراج على رب المال. انتهى.

وقال النووي في المجموع: أنه لا يجب الإخراج إلا بعد الجفاف في الثمار وبعد التصفية في الحبوب, وأن مؤنة ذلك كله تكون على رب المال. انتهى.

وعليه، فوجوب زكاة الحبوب ينعقد بيبسها واستغنائها عن الماء عند الجمهور وتخرج بعد تصفيتها، أما القدر الواجب إخراجه: فهو العشر إن لم تسق بكلفة، أما إن سقيت بآلة كالماكينة ونحوها ففيها نصف العشر، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 52977.

ومن هذا تعلم الحكم في الأجل الذي تزكى إليه الحبوب، وأنه لا علاقة له ببيع المحصول، ولا تزكى قيمة المحصول ثانية، إلا أنه بعد بيع المحصول يستقبل المالك بثمنه حولا جديدا فيزكيه بعد تمام حوله إن كان نصابا وحده، أو بما يضم إليه من نقود أخرى، أو عروض تجارية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني