الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم توثيق الدين بشيك على البياض

السؤال

لي صديق يعمل في تجارة أعلاف مزارع الدجاج ويملك محل بيع أعلاف وخلافه، والعمل عبارة عن الآتي: يذهب لتاجر كبير فيتعاقد معه أن يشتري منه أعلافا بكميات كبيرة حسب الطلب غير محددة، ثم يدفع له جزءا من الثمن ثم يوقع له على مجموعة شيكات على بياض لكي يضمن التاجر حقه ويقوم صديقي طوال العام بسحب كميات من العلف من التاجر ويعطيه أجزاء من الثمن وهكذا بمعنى أنه يشتري منه باستمرار، ثم يقوم صديقي ببيع هذه الكميات من الأعلاف لمربي الدواجن أصحاب المزارع ويدفعون له جزءا من الثمن ويوقعون له على مجموعة شيكات على بياض ـ أيضا ـ ليضمن صديقي حقه، فهل يجوز ذلك؟ وإذا كان لا يجوز فما هي الطريقة الشرعية لكي يضمن حقه؟ وماذا يفعل حيث إنه لا يملك إلا أموالا قليلة جدا ويشتري الأعلاف وغيرها بأموال أضعاف أضعاف ما معه من المال وفي نفس الوقت يبيع هو العلف بسعر ثابت سواء تغيرت أسعار السوق أم لم تتغير؟ وهل يجوز ذلك أيضا؟ مع العلم بأن الزبائن لا بد أن يشتروا منه، لأنهم لو ذهبوا لغيره لن يبيع لهم مع أنه لا يجبر أحدا ولكن هذه هي أسعاره أفيدونا جزاكم الله خيرا ومعذرة للإطالة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالحكم على صحة المعاملة المذكور من عدمها ينبني على ما يتم الاتفاق عليه بين صديقك والتاجر الكبير فإذا كان يتم الاتفاق في البداية على بيع كمية معلومة من الأعلاف وتعين هذه الكمية ثم تترك لدى التاجر ليأخذ منها صديقك حسب حاجته والثمن يكون بحسب الدفعات فهذا لا بأس به، ولكن هذا مستبعد، والقريب إلى الواقع أحد أمرين:

الأول: أن يتم الاتفاق على كمية من العلف المعروف بأوصافه للطرفين ويتم الأخذ من هذه الكمية على فترات ويدفع الثمن مجزءا، وهذا غير جائز، لأنه بيع سلم لم يلتزم به بشروط السلم الشرعية، وراجع في معنى بيع السلم وشروطه الفتوى رقم: 11368.

الأمر الثاني: أن يتواعدا على أن يشتري منه كمية كبيرة يأخذها مجزأة ويعقد البيع على كل جزء في حينه، وهذا لا بأس به، ولا حرج في تأخير الثمن، أو جزء منه إلى أجل معلوم، ثم لا حرج على صديقك في بيعها قبل سداد باقي ثمنها لهذا التاجر، فإنه لا يشترط في البيع أن يكون المبيع قد سدد ثمنه، بل الشرط أن يكون قد تم ملكه وقبضه، وقبض كل شيء بحسبه، كما تقدم في الفتوى رقم: 16551.

وفي هذه الحال لا بأس بتوثيق الدين، ومن صور التوثيق المشهورة في عصرنا: أخذ الأوراق التجارية المعروفة بالشيكات، جاء في قرار المجمع الفقهي: الأوراق التجارية ـ الشيكات ـ من أنواع التوثيق المشروع للدين بالكتابة. اهـ.

وراجع الفتوى رقم: 47556.

والمهم في مسألة الشيك الأبيض أن لا يكتب فيه عند حصول الخصومة إلا مقدار الحق الواجب لا غير، وينبغي الحذر وتجنب هذا النوع من الشيكات، لما فيه من مخاطرة بالنسبة لصاحب الشيك، فإن التوقيع على بياض يتيح لحامل الشيك أن يضع أي مبلغ يريد وقد يزيد على قدر دينه إذا تأخر المدين عن السداد، جاء في قرارات المجمع الفقهي: إذا تأخر المشتري المدين في دفع الأقساط عن الموعد المحدد فلا يجوز إلزامه أي زيادة على الدين بشرط سابق، أو بدون شرط، لأن ذلك ربا محرم. اهـ.

وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 51317، 112688، 44752.

وأما مسألة بيع صديقك بسعر ثابت حتى لو تغيرت أسعار السوق: فلا حرج فيه، فإنه لم يرد في الشرع تحديد للربح لا تجوز مجاوزته على الراجح من أقوال أهل العلم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 5393.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني