الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخطاب الأخلاقي للجار المؤذي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته . لي جارة مطلقة لها أبناء في عمر أولادي (20 سنة تقريبا)زارتني مرة فارتديت حجابي لوجود ابنها الكبير لكنها غضبت لذلك وناقشتني نقاشا حادا . وبعد مدة قصيرة أرسلت إلي رسالة بدون اسم وتضمنت كلاما بذيئاً وسيئا عني وعن ابني واتهمتني بتهم كثيرة . فما رأيكم بهذه المرأة؟ وهل يجب علي أن أقاطعها مع العلم أنها امرأة سريعة الانفعال ولا تنفع معها النصيحة وأخاف أن يزداد الموضوع سوءا إن ذهبت للحديث معها . وجزاكم الله خيرا .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فما أقدمت عليه هذه المرأة من غضب وسباب وشتم وغيره لأجل تحجبك عن ولدها البالغ يعد فسوقاً لا يجوز لها فعله، بل كان عليها أن تشكرك على التزامك بأحكام الإسلام، وتحثك على ذلك، لذا عليك أن تكتبي لها رسالة وأن تخاطبيها برفق وعطف، تبيني لها فيها حكم الحجاب والسباب، وحقوق الجار، ولك أن تستعيني على ذلك بمن له قدرة على الكتابة، وعنده علم ومعرفة بالأحكام المذكورة.
ثم بعد بيان الحكم لها لا يهمك ما يأتي منها، فمن الأعمال التي يؤجر المسلم عليها تجاوزه عما يلاقيه من إساءات من الآخرين. ولا يقابل السيئة بمثلها، بل يصفح ويعفو ويدفع بالتي هي أحسن، ليظفر بمغفرة الله وأجره، ومحبة المخاصم وقربه. فالله يقول: (وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم) [التغابن:14] ويقول سبحانه: (وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله) [الشورى:40] ويقول سبحانه: (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم*وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) [فصلت:34-35]
وعليك أن تحسني إليها قدر المستطاع، ولك أن تتركي زيارتها إن رأيت أنها تضر ولا تنفع، ولكن لا يجوز لك مقاطعتها في السلام أكثر من ثلاثة أيام، فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث" رواه البخاري و مسلم عن أنس . هذا كله إذا كانت غير جارة لك، أما وهي جارة فإن حقها يتأكد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه" رواه الشيخان عن عائشة و ابن عمر رضي الله عنهم.
وفيهما أيضاً عن أبي هريرة يقول صلى الله عليه وسلم: "والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، من لا يأمن جاره بوائقه" وفيهما أيضاً عنه قوله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره" . فعليك بالقيام بحقوقها كاملة، واعلمي أن الله معظم لك الأجر على ذلك، وافعلي كما قال الشاعر العربي:
أقول لجاري إذ أتاني معاتبــا مدلاً بحق أو مدلاً ببــاطل
إذا لم يصل خيري وأنت مجاور إليك فما شري إليك بواصل
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني