الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أنا رجل كبير في السن حيث أبلغ قرابة السبعين عاما، ومنذ مطلع شبابي وأنا أعمل في المخدرات، وقد تزوجت منها ورزقت بأولاد وبنات وزوجتهم جميعا منها، واشتريت للأولاد كل واحد سيارة واشتريت أراضي كثيرة وصرفت على حياتي مبالغ طائلة ولم يبق لي إلا سيارة وبيت أسكن فيه. والآن اعتزلت العمل لكبر سني وأولادي يصرفون علي من تجارة المخدرات أيضا. والآن أريد أن أتوب. ماذا أفعل الآن في الأراضي التي اشتريتها والسيارة التي أملكها والبيت الذي أسكن فيه فكيف أتخلص من وزر كل هذه الأشياء وأتوب توبة نصوحا مع العلم أنني خلال تلك المدة من حياتي لم أترك الصلاة ولا الصيام ولا الحج؟ بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أسرفت على نفسك إسرافا عظيما, وعرضتها لسخط الله وعقوبته بتماديك على هذا الذنب العظيم والمنكر الجسيم. والواجب عليك أن تبادر بتوبة نصوح إلى ربك تبارك وتعالى تغسل بها عنك أوزار ما سلف من الذنوب، واعلم أن باب التوبة مفتوح لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها، ومهما كان الذنب عظيما فإن عفو الله أعظم ورحمته تعالى قد وسعت كل شيء, فلو صدقت توبتك واستوفيت شروط التوبة النصوح فإن الله تعالى يقبل توبتك ويقيل عثرتك, قال تعالى : قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. {الزمر:53}. وقال تعالى : وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ. {الشورى : 25}. والآيات الأحاديث في هذا كثيرة .

ومن شروط توبتك أن تقلع عن الذنب وتعزم على عدم العودة إليه، وأن تندم على ما فرط منك فإن الندم توبة كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم . ومن شروط توبتك كذلك أن تتخلص مما اكتسبته من المال الحرام فتجعله في مصالح المسلمين العامة أو تصرفه للفقراء والمساكين , فإن كنت فقيرا محتاجا جاز لك أن تنتفع من هذا المال بما يسد حاجتك، ووجب عليك أن تتخلص مما يفضل عن حاجتك , وانظر الفتوى رقم: 137669. وما فيها من إحالات , ويجب عليك أن تأمر أولادك بالتوبة إلى الله تعالى مما هم مقيمون عليه , وأن يتخلصوا مما بأيديهم من المال الحرام ويبحثوا عن مصدر دخل مباح , ولا يجوز لك أن تقبل شيئا مما يعطونك إياه من هذا الكسب الخبيث إلا إن اضطررت إلى ذلك . وعليك أن تبحث لنفسك عن مصدر حلال للرزق , فإن عجزت وأبوا أن يتوبوا إلى الله تعالى جاز لك أن تأخذ ما يكفيك من النفقة، وانظر الفتوى رقم :128316. والفتوى رقم : 20986.

والله تعالى أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني