الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الجمع بين صيام كفارة اليمين والأيام البيض

السؤال

في الفتوى رقم: 130928 أنه يجوز صيام الكفارة في الأيام البيض ويحصل له الأجران، ونقلت كلاما للشيخ ابن عثيمين في هذه الفتوى. ولكن وجدت في موقع الشيخ ابن عثيمين فتوى له تخالف الفتوى التي نقلتموها عن الشيخ ابن عثيمين وهي:
السؤال: أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ السائلة تذكر بأنها امرأة حلفت وتريد أن تكفر عن هذا الحلف بصيام ثلاثة أيام. فهل يجوز أن تقول أصومها مع صيام الست من شوال بحيث يكون صيامي ستة أيام؟
الجواب:
الشيخ: أولا لا يجوز للحالف إذا حنث في يمينه أن يصوم إلا إذا كان لا يجد إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ. وقد اشتهر عند كثير من العامة أن كفارة اليمين إذا حنث الحالف صيام ثلاثة أيام في من يجد الإطعام أو الكسوة أو العتق ومن لا يجد وهذا غلط، بل لا يجوز الصيام إلا إذا كان الحالف الذي حنث لا يجد إطعام عشرة مساكين أو يجد لكن لا يجد مساكين فحينئذٍ يصوم ثلاثة أيام متتابعة، ثم إذا كان يندرج تحت صيام الأيام الثلاثة فإنه لا يجزئ أن ينوي بها صيام ستة أيام من شوال لأنهما عبادتان مستقلتان فلا تغني إحداهما عن الأخرى بل يصوم ستة أيام من شوال ثم يصوم الأيام الثلاثة زائدة على صيام الأيام الستة.
وسؤالي هو:على ماذا أستند من هذه الفتاوى هل على فتوى ابن عثيمين التي نقلتموها أم على الفتوى التي وجدتها في الموقع السابق؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنحب أن نبين لك أولا أنه لا تعارض بين فتوى الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله، فإنه رحمه الله يرى أن صيام الست من شوال ليس من النفل المطلق بل هو من النفل المقيد، ومن ثم فإنه يحتاج إلى نية تخصه، بخلاف أيام البيض ونحوها كعاشوراء ويوم عرفة فإن التشريك في النية بين صوم القضاء أو الكفارة وبين صوم هذه الأيام جائز عند الشيخ لأن مقصود الشرع يتحقق بالتشريك فيحصل له الثوابان.

قال رحمه الله في فتاوى نور على الدرب:: أما صيام الست فلا يصح أن تجعلها عن قضاء رمضان لأن أيام الست تابعة لرمضان فهي بمنزلة الراتبة للصلاة المفروضة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: من صام رمضان ثم أتبعه ستة من شوال كان كصيام الدهر. والنبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث جعلها تابعة لشهر رمضان ومتبوعة له وما كان تابع للشيء فإن الشيء لا يغني عنه...

وأما إذا نوى بصيام يوم عاشوراء نوى به القضاء فإننا نرجو أن يحصل له القضاء وثواب اليوم لأن الظاهر أن المقصود هو أن يصوم ذلك اليوم، وكذلك إذا صام يوم عرفة عن قضاء رمضان فإننا نرجو له أن يحصل له الأمران جميعاً وكذلك إذا صام ثلاثة عشرة وأربعة عشرة وخمسة عشرة من الشهر وهي أيام البيض ونواها عن قضاء رمضان فإننا نرجو أن يحصل له الصواب بالأمرين جميعاً، وكذلك إذا صام يوم الخميس ويوم الاثنين عن قضاء رمضان فإننا نرجو أن يحصل له أجر القضاء وأجر صيام هذين اليومين لأن المقصود أن تكون هذه الأيام صوماً للإنسان. انتهى.

فهذا تحرير مذهب الشيخ رحمه الله وبيان أن فتوييه لا تعارض بينهما، وأما المفتى به عندنا في الجمع بين صيام الست من شوال وكفارة اليمين فهو مبين في الفتوى رقم: 142869، والعامي يقلد من شاء ممن يثق بعلمه ودينه من أهل العلم، وانظر الفتوى رقم: 120640في بيان ما يفعله العامي إذا اختلفت عليه الفتوى. وعليه فلك أن تأخذ بفتوى من تثق بعلمه ودينه كما مر، وباب الاحتياط واسع، وهو أسلم لدين العبد وأبرأ للذمة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني