الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وجوب ستر المرأة قدميها وبيان السن التي تلتزم فيها بالحجاب

السؤال

أليس الأقارب غير المحارم يعتبرون أجانب (أى يجب الظهور أمامهم بحجاب كامل)، فأنا أرى النساء في مجتمعي يحرصون على تغطية الشعر أمام الأقارب غير المحارم ولا يحرصون على ستر القدم.
والدتي تلبس الجورب عند الخروج للشارع، ولا تلبسه عندما نجتمع في بيت العائلة، ويكون المكان مليئا بالأقارب، ولكن بعضهم ليسوا من المحارم بحجة أنهم أقاربها، وكما أن والدتى لا تأمر أختى بلبس الجورب عند خروجها للشارع على الرغم من أنها محجبة (وعندها 15 عاما) احتجاجا بصغر سنها على الالتزام الكامل، إذا لم أعترض على هذه الأفعال هل أعتبر ديوثا؟ وماذا يجب علي حتى لا أكون ديوثا؟ هل علي النصيحة فقط؟ وهل فعلا الديوث هو الذي لا يغار على أهله؟ ماذا يقصد بأهله هل هم جميع محارمه؟ ومن هم محارم الرجل إذا كان المقصود بأهله جميع المحارم؟ أيعنى ذلك أن علي بالنصح لكل واحدة من محارمي تقوم مثلا بأفعال مشابهة لتلك التي في أول السؤال كستر القدم؟وهل العجائز من محارمي كجدتي يجب عليها ستر القدم؟ومن هي العجوز (أى كم سنها)؟أعتذر عن الإطالة، ولكن ذلك الأمر ينتشر بكثرة فى مجتمعنا وليس في عائلتي فقط.وإذا ما اعترضت على ذلك سينتقدونني قائلين لم نر أحدا يفعل ذلك من قبل؛ لذا أرجو ذكر الأدلة على كل جزئية من السؤال حتى أستطيع إقناعهم.وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالواجب على المرأة أن تستر بدنها عن نظر الرجال الأجانب، سواء كانوا من الأقارب أم غيرهم ، والبنت في سن الخامسة عشر لا تكون صغيرة، وإنما عليها التستر، بل إن المراهقة أو التي بلغت حد الاشتهاء حكمها حكم البالغة في وجوب الحجاب وعدم جواز نظر الرجل الأجنبي إليها، وانظر الفتوى رقم : 73433

وقد اختلف العلماء في وجوب ستر المرأة وجهها وكفيها، وانظر التفصيل في الفتوى رقم : 50794

و أما القدمان فالجمهور على وجوب سترهما عن الأجانب، لكن لا يشترط سترهما بالجوارب، وإنما يحصل ذلك بإسبال ثوبها حتى يغطي قدميها، كما سبق بيانه في الفتوى رقم : 96101

وذهب بعض العلماء إلى جواز كشف القدم عند أمن الفتنة، وهو رواية عن أبي حنيفة ، قال الكاساني : " إنَّمَا يَحْرُمُ النَّظَرُ من الْأَجْنَبِيَّةِ إلَى سَائِرِ أَعْضَائِهَا سِوَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ أو الْقَدَمَيْنِ أَيْضًا على اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ " بدائع الصنائع - (5 / 123)

فالذي ينبغي عليك أن تبين لهن وجوب ستر أقدامهن عن الأجانب ، وحتى لو كن يقلدن قول من يرى جواز كشفهما فلا مانع من نصحهن بالستر لأنه أولى ، وإذا قمت بالنصح فلا حرج عليك ولا تدخل في الدياثة –والعياذ بالله- التي هي عدم الغيرة على الأهل والمحارم ،

والمقصود بأهل الرجل زوجته والمقصود بمحارمه الأقارب الذين يحرم الزواج بهن على التأبيد ، وانظر الفتوى رقم : 6741

ولمعرفة المزيد عن معنى الدياثة وعقوبتها راجع الفتوى رقم: 56653.

وأما عن حكم العجائز في الحجاب فاعلم أن الشرع قد خفف عن المرأة الكبيرة التي لا رغبة لها في الرجال ولا يرغبها الرجال ، قال ابن قدامة : " والعجوز التي لا يشتهى مثلها لا بأس بالنظر منها إلى ما يظهر غالبا لقول الله تعالى : { والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا } الآية " المغني - (7 / 461)، وليس لذلك سن محدد، وإنما العبرة بكونها لا تشتهى ، قال ابن العربي : " وَهُنَّ اللَّوَاتِي قَعَدْنَ عَنْ الْحَيْضِ وَعَنْ الْوَلَدِ ، فَلَيْسَ فِيهِنَّ رَغْبَةٌ لِكُلِّ أَحَدٍ ، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِنَّ الْقَلْبُ فِي نِكَاحٍ ، وَيَجُوزُ النَّظَرُ إلَيْهِنَّ بِخِلَافِ الشَّبَابِ مِنْهُنَّ " أحكام القرآن لابن العربي - (6 / 123)

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني