الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تحري الحكمة مع الزوجة والدعاء لها وعدم التعجل في الطلاق

السؤال

أنا شاب من أصل تونسي، عمري 27 سنة، تزوجت منذ حوالي 6 أشهر. كنت دائما أدعو الله قبل الزواج أن يرزقني زوجة صالحة أقوم معها الليل وأصوم معها، وتكون حياتنا كلها لله سبحانه وتعالى، المشكلة أني اكتشفت أن قلب زوجتي متعلق بالدنيا أشد تعلق، وتحب العيش على طريقة الغرب من لهو وجري وراء الدنيا، وأنا لا أنكر أني كذلك إلا أني أعترف بهذا العيب، وأدعو الله ألا يجعل في قلبي مثقال ذرة من حب الدنيا، اشتريت بعض الكتب الدينية، وطلبت منها أن نقرأ كل ليلة شيئا يسيرا، فقرأنا لمدة يسيرة فلم أجد منها حرصا. وهي ترى أني متحكم ومتسلط، وأني أتدخل في أدق شؤون حياتها، مع أني أحرص على أن لا أشعرها أني آمرها كلما طلبت منها شيئا، حتى صرت أخاف حين آمرها أو أنهاها، وهي أحيانا ترفع صوتها علي، وما زاد همي أنها ترتدي حجابا يصف وسطها، بالكاد يتجاوز ركبتها، وترفض تصحيح حجابها إلا بعد إكمال دراستها أي بعد سنتين، ولم تراع في ذلك غيرتي، وما يخيفني أكثر أن أمها هي المتحكمة في زوجها إلى درجة لا يتصورها العقل، وهي تحب أمها كثيراً ومتأثرة بها، وتحكي لها كل صغيرة تدور بيننا، وكانت سبب معظم الخلافات بيننا، وأخشى أن يكون مصيري هو مصير والدها، علما أني أعاملها دائما باللين والحوار، وأرفض أن أضربها أو أهينها، كما أن أمها سبق وأهانتني بأبشع العبارات وسامحتها دون أن تعتذر خوفا من أن أكون قاطعا لرحمي، وقد سكت أيضا عن الحفل الذي أقامه والدها بمناسبة زواجها، وقد كان فيه معازف واختلاط مع أني طلبت منهم ألا يفعلوا ذلك، وزوجتي الآن ترفض الإقامة معي خلال شهري العطلة (لأننا نقيم بفرنسا) في منزل منفصل يكمن في الطابق السفلي من منزل والدي، وتطلب مني أن أكتري منزلا آخر، وهذا ما يخيفني لأن والدها الآن في قطيعة مع والديه منذ سنين، فهل أصبر على هذه الزوجة على أمل أن يصلحها الله، أم أفارقها بالمعروف، أم ماذا أفعل، أفتوني؟ جزاكم الله خيرا، فوالله إني لفي حيرة من أمري.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أحسنت بتحري الحكمة مع زوجتك، وحرصك على تعليمها أمور دينها، وهكذا ينبغي أن يكون المسلم مع زوجته، وننصحك بأن تكثر من دعاء الله تعالى لها بالصلاح، فقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.

وأما الطلاق فلا ينبغي أن تتعجل إليه، بل عليك بالصبر عليها، وإذا حصل منها نشوز كما هو الحال فيما ذكرت من رفعها صوتها عليك وأمتناعها من الحجاب الشرعي إذا كنت طلبته منها، فاتبع معها الخطوات الشرعية لعلاج النشوز، والتي قد سبق أن ذكرناها في الفتوى رقم: 1103.

ويجب عليها أن تلزم بالحجاب الشرعي الذي له مواصفات محددة بينها الشرع الحكيم، وهي مذكورة في الفتوى رقم: 9428.. فإن لم تنته زوجتك عن النشوز أو أصرت على عدم لبس الحجاب الشرعي فالأولى أن تطلقها، فقد ذكر أهل العلم أنه يستحب طلاق الزوجة المفرطة فيما هو واجب عليها شرعاً، ويمكنك أن تطالع في ذلك الفتوى رقم: 136776.

وننبه في ختام هذا الجواب إلى جملة أمور ومنها:

الأمر الأول: أن حب الدنيا أمر فطري في الإنسان، وإنما يذم من يفرط في حبها بحيث تنسيه الآخرة وتحمله على التفريط في دينه.

الأمر الثاني: أن مجرد كون المرأة أما لزوجتك لا يعني أنها من المحارم التي تجب صلتها إلا إذا وجد ما يقتضي ذلك، كأن تكون عمة أو خالة مثلاً. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 11449، وهي عن ماهية الرحم التي تجب صلتها.

الأمر الثالث: أنه ينبغي أن يسود حسن العشرة بين الأصهار، فلا يكون بينهم الشجار والخصام.

الأمر الرابع: أن الزوج إذا وفر لزوجته مسكناً مستقلاً بمرافقه ولو كان في داخل بيت العائلة لزمها الإقامة مع زوجها فيه. وراجع الفتوى رقم: 68642.

الأمر الخامس: أنه ينبغي للزوج أن يحسن اختيار زوجته فيتحرى صاحبة الدين والخلق، ويستخير الله تعالى قبل الزواج منها. وانظر الفتوى رقم: 19333.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني