الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نذر نذرا منذ زمن ويشك في أنه قد وفى به فماذا عليه

السؤال

تذكر أنه نذر منذ حوالي سبعة عشر عاما صلاة عشرين ركعة في يوم واحد، وعلم بوجوب الوفاء بالنذر فصلاهم في يوم واحد بعد خمسة عشر عاما. بعدها بعامين يشك هل صلاهم أم لا هل يجب إعادتهم أو صلاتهم مرة أخرى؟ هو يغلب على ظنه أنه صلاهم بعدها بخمسة عشر عاما. هل يعمل بغلبة الظن أم أن ذمته لا تبرأ لأن الأصل عدم قضاء النذر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن نذر قربة لله تعالى وجب عليه الوفاء بها على الوجه الذي نذره، لما أخرجه البخاري وغيره عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه.

وكلام الأخ السائل متعارض، فإنه أخبر بأنه قد تيقن أنه وفى بنذره، فإن كان متيقتا أنه فعل فلا عبرة بالشك الحاصل بعد لا سيما إذا كان الشخص موسوسا، لأن اعتبار ذلك يؤدي إلى الحرج والمشقة، وهما مرفوعان في الشريعة الإسلامية السمحة، لقول الله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78}، ولقوله تعالى أيضاً: يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ {البقرة:185}.

وعليه أن يعرض عن الشكوك لئلا يجعل للشيطان إليه سبيلا فيدخله في وساوس لا نهاية لها، أما إن كان شاكا في أداء ما عليه فالواجب عليه أداؤه، وانظر الفتوى رقم: 52078.

ثم إنه لا يخلو حال الناذر غالبا من أن يعلق نذره على حصول نعمة أو دفع نقمة كأن يقول إن شفاني الله أو رزقني كذا فلله علي عشر ركعات مثلا ، ففي هذه الحالة لا يجب الوفاء بالنذر إلا بعد حصول ما علق عليه. وهذا النوع من النذر مكروه، بل قيل بحرمته، الحالة الثانية أن ينذر لله تعالى طاعة من غير تعليق على حصول أمر فيلزمه الوفاء بها أيضا فإن نذر فعلها في وقت معين فلا يجوز تأخيرها عنه بلا عذر شرعي، وإن أخرها عن وقتها المحدد لها من غير عذر أثم ووجب عليه الوفاء بنذره ولو بعد فوات وقته، كما يجب عليه أن يكفر كفارة يمين لتأخيره النذر عن وقته المحدد، فإن كان تأخيره لعذر شرعي كمرض أو جهل ونحوه فلا إثم عليه ولا كفارة، وليس عليه إلا الوفاء بالنذر.

أما إن كان النذر مطلقاً أي لم ينو له وقتاً محدداً فلا حرج في تأخيره. لكن ينبغي للمسلم أن يبادر للوفاء بنذره فهذا من باب المسارعة إلى الخيرات. فلينظر الأخ السائل نذره هل كان مؤقتا أو غير مؤقت، وانظر الفتوى رقم: 130323، لبيان حكم تأخير النذر المؤقت وغير المؤقت.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني