الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلب الطلاق لكون الزوج يدمن مشاهدة الأفلام الإباحية

السؤال

أنا زوجة صاحب الفتوى رقم: 148517، والتي هي بعنوان: منع المرأة زوجها من معاشرتها من النشوز. زوجي هذا يعاني من إدمانه لرؤية الأفلام الإباحية، وقد عانيت منه كثيرا بسبب هذا منذ تزوجته من عشر سنوات، وحاولت معه بشتى الطرق العلاجية ولكن بدون جدوى حتى ذهبت إلى طبيب نفسي لأستشيره في مدى إمكانية علاجه ولكن زوجي أخذ الموضوع بتهريج وبعدم جدية، ووصل الأمر به إلى أنه أصبح يتلذذ برؤية طفلة لم تتجاوز الثانية عشر من عمرها مع رجل كبير السن في أوضاع مخلة، وعند ما رأيت ذلك لم أستطع إقامة علاقة زوجية معه وطلبت الطلاق، ولكنه يرفض وجاء بأهله إلى بيت الزوجية كي يعملوا على تركي البيت وأخذوا في مضايقتي أنا وطفلي كي أخرج ويستولوا على الشقة، وكنت لا أحكي لأحد من أهلي ولكني اضطررت في النهاية أن أجمع أهلي كلهم لأحكي لهم ما يحدث لي. ولكنهم كأي أحد لا يريدونني مطلقة ويجبرونني على العيش معه بدون علاقة زوجية، وأنا أحس أن هذا لا يرضي الله ورسوله على الرغم من أن زوجي يوافق على هذا الوضع وذلك لأنه يمكنه الاستغناء عن هذه العلاقة وله مسالك أخرى. أنا أتعس إنسانة في الدنيا وأصبحت لا أجد نفسي معه ولا في بيتي، فأنا لا يرضيني سوى علاقة بما يرضي الله ورسوله وقد قلت لأهلي إن ذنبي في رقبتهم جميعا فكلهم يعلمون أني أكره هذا الرجل كرها شديدا ولا أحترمه وبعد كل ما صرفته من مال في الأسرة أراد هو وأهله تجريدي حتى من العفش والقائمة بحجة أنني من يريد الطلاق، حتى مصاريف الأولاد الدراسية امتنعوا عنها وقالوا باللفظ نريدهم "عربجية" على الرغم من أني أعلمهم تعليما خاصا وراقيا، والحمد لله أولادي الجميع يشهد لهم بالأدب والأخلاق والتفوق والحمد لله فهم ثمرة عمري وقلبي الذي ينبض. عشر سنوات من المحاولات لإصلاح هذا الرجل ولكن دون جدوى هذا بخلاف سوء معاملة أهله لي وتطاولهم علي بالألفاظ القبيحة. وقد وصلت لمرحلة مرضية مزمنة وأخذت في العلاج لشهور عديدة وكلها بسبب حالتي النفسية المتأخرة. قولوا لي هل أنا على حق؟ ويعلم الله بأنه يوجد الكثير الذي لا أستطيع روايته من سوء المعاملة في العلاقة الزوجية حيث إنه متأثر جدا بما يرى من أفلام، غير ما أصابه من ضعف وأنتم تعلمون ذلك كآثار لهذا السلوك المقزز. أنا خلاص تعبت جدا وكرهت حتى نفسي وليتني لم أولد أصلا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كان زوجك يدمن مشاهدة الأفلام الإباحية، وكنت مبغضة له بسبب ذلك فمن حقك طلب الطلاق ولا حق لأهلك في منعك من ذلك، لكن إن صبرت وبقيت معه فلا يجوز لك الامتناع منه إذا دعاك للفراش ما لم يكن لك عذر كمرض، والذي ننصحك به أن تنصحي زوجك برفق وتذكّريه بخطر مشاهدة تلك الأمور المحرمة، و تذكّريه باطلاع الله عليه وهو يفعل تلك المنكرات، وتشجعيه على حضور مجالس العلم، ومصاحبة الصالحين، واستماع الأشرطة النافعة للدعاة المصلحين، مع معاشرته بالمعروف والقيام بحقوقه لا سيما فيما يتعلق بأمور الاستمتاع وما يتعلق به من التزين والتجمل بما لا يخالف الشرع حتى لا تكوني عوناً للشيطان عليه، كما أن حسن التبعل له، مما يعين على قبوله للنصح ورده إلى الصواب، وراجعي الفتويين: 3605، 53400.

فإن لم يفد ذلك فينبغي أن توازني بين المصالح والمفاسد في الطلاق والبقاء معه، وتختاري ما فيه أخف الضررين، فإن وجدت أن بقاءك معه على حالته المصر عليها -مع معاشرتك له بالمعروف وعدم التقصير في حقه- أخف ضررا من الطلاق فذلك أولى، وليكن لك في شغلك بتربية أولادك وتنشئتهم تنشئة صالحة ما يملأ عليك حياتك ويعوضك عما تفقدينه في زوجك، أما إذا وجدت أن في بقائك ضررا وأنك لا تقدرين على القيام بحقه فالطلاق حينئذ أولى، وراجعي الحالات التي يجوز للمرأة فيها طلب الطلاق في الفتويين: 37112، 116133.

واعلمي أنك في كل الأحوال إذا صبرت وحرصت على مرضاة ربك فلن يضيع جهدك، قال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ. {يوسف:90}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني