الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

امتناع الزوجة من السكن مع أم الزوج في مسكن واحد

السؤال

أنا متزوجة منذ 3 سنوات في شقة إيجار جديد وبعد زواجي بسنة نجحت مع زوجي في شراء شقة تمليك بفضل الله كان مع زوجي مبلغا وقمت أنا ببيع ذهبي واستلفت من والدي مبلغا لنكمل ثمن الشقة وانتقلت للسكن عند والدي في شقة مؤقتة لنوفر الإيجار حتى نشطب الشقة الجديدة وخلال سنتين سدد زوجي ديونه لأبي ولغيره بحسن تدبيري، ولكن بعد ذلك تغير زوجي معي وطلب مني أن أنسى شقة التمليك وأنه سيبيعها ويدخل بالفلوس مشروعا وطلب مني أن أنتقل معه للعيش في شقة والدته، لأن والده توفي وأخته تزوجت ولا يريد تركها بمفردها وأن نترك عفشي في شقة والدي التي اعتبرها زوجي مخزنا وقال زوجي لوالدي خذ العفش أنا ما أريده وأعطني القيمة فطلبت من زوجي أن نجهز شقة التمليك وتأتي والدته للعيش معنا معززة لكنه يرفض على الرغم أن شقة والدته ضيقة جدا وأنا حامل ولدي طفلة ومنذ وفاة والد زوجي منذ 3سنوات وأنا أذهب هناك 3 أيام في الأسبوع أقوم على خدمتها هي وابنتها رغم أنها ليست مريضة وأقضي رمضان كله والأعياد والإيجازات معها رغم معاملتها السيئة لي لأرضي الله وزوجي، والآن أطلب من زوجي أن يبقيني في شقة والدي وأذهب عند والدته نصف الأسبوع وتأتي هي عندي النصف الآخر، لكنه يرفض وبدأ يشتمني ويضربني ويسيء معاملتي ويتركني ويذهب عند أمه بالشهور، والآن أنا عند أهلي منذ 4أشهر بعد أن ضربني وشتمني وجاء والدي ليتحدث معه فقال له لي3 شروط للصلح تأتي لتعيش مع أمي وتنسى شقة التمليك وتخزنوا العفش عند والدي إما الطلاق وتر ك الشقة وذهب عند أمه، وكل ذلك لأن شقة والدته إيجار قديم بخمسة جنيهات وهو لا يريد أن يتركها ومنذ أسبوع جاء لأهلي وغلط عليهم وأخذ يذكر عيوبي ومساوئ في أخلاقي واتصلت والدته بوالدي وتكلمت علي وعلى أخلاقي بالزور والآن هو لا يريد الإنفاق علي، أو على بنته وأنا أريد أن أعرف حكم الدين فيما يطلبه مني، علما بأنني أطلب منه أن تأتي والدته للعيش معنا، لكنه يرفض، فما حكم الدين فيما قاله زوجي ووالدته في أخلاقي؟ وهل علي ذنب إذا رفضت العيش مع أمه؟ وإذا طلقني فما هي حقوقي؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كان الواقع ما ذكرت من أن زوجك ووالدته قد رمياك زورا ببعض العيوب في أخلاقك فهذا نوع من البهتان، والله تعالى يقول: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا {الأحزاب:58}.

وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته.

فنوصيك بالصبر عليهم، ففي الصبر خير كثير، وراجعي فضل الصبر بالفتوى رقم: 18103.

ولا حرج عليك ـ إن شاء الله ـ في امتناعك من السكن مع أمه في مسكن واحد، فإن الفقهاء قد نصوا على أن من حق الزوجة على زوجها أن تكون في مسكن مستقل وأنها لا يلزمها أن تسكن مع أقارب زوجها، وقد سبق بيان ذلك بالفتوى رقم: 34811، وذكرنا فيها أيضا أنه لا يلزمها خدمة أم زوجها، وإن فعلت ذلك برضا منها فذلك أولى وأحسن.

فالحاصل أن من حقك أن تكوني في مسكن مستقل، وإذا أراد زوجك أن يكون بجوار أمه فيؤجر أو يشتري لك مسكنا لائقا بك قريبا من والدته، وننبه في ختام هذا الجواب إلى بعض الأمور ومنها:

الأمر الأول: أنه لا يجوز للزوج أن يسيء عشرة زوجته فيضربها ويشتمها ويهجرها لغير سبب شرعي فالله تعالى يقول: فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا {النساء:34}.

فقد تضمن ختام الآية باسميه العلي والكبير التحذير الشديد للزوج وأن الله أقدر عليه إن ظلم زوجته.

الأمر الثاني: إذا لم تكن مساهمتك مع زوجك في شراء الشقة على سبيل التبرع، وإنما على سبيل الشركة فيها فلك نصيبك منها بقدر مساهمتك، بل لو كان تبرعك بقصد دوام العشرة ولم يحصل ذلك فلك الحق في الرجوع في هذه الهبة، قال الدردير في الشرح الكبير: إلا أن تهبه شيئًا من صداقها قبل البناء، أو بعده، على قصد دوام العشرة معها فطلقها، أو فسخ النكاح لفساده قبل حصول مقصودها، فلا يكون الموهوب كالعدم، بل يرده لها كعطيته. اهـ.

الأمر الثالث: ننصح بالحرص على حل هذه المشكلة بالروية والحذر قدر الإمكان من أن يكون الطلاق هو الحل، فليوسط في هذا أهل الخير وبعض الفضلاء من الناس، ونرجو مطالعة الفتوى رقم: 5291.

الأمر الرابع: أن حقوق المطلقة قد سبق بيانها بالفتوى رقم: 8845.

وننبه إلى أن نظام الإيجار المعمول به في بعض البلدان والذي تؤبد فيه الإجارة والأجرة نظام مخالف للشريعة الإسلامية، لما فيه من الظلم البين والاعتداء الواضح على أموال الناس.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني