الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من قيل له: لا تريد زوجتك؟ فقال: نعم

السؤال

هل الرد بكلمة نعم على من قال لشخص ما: ألا تريد زوجتك؟ فقال: نعم، يعد كناية من كنايات الطلاق أو بالعامية ما بدك زوجتك فقال نعم، يعد كناية طلاق مع إنه أراد الطلاق لكن لا يعرف هل إيقاعا أم وعدا أم وسوسة؛ لأنه مريض بالوسوسة في الطلاق. وما النية التي يقع الطلاق معها؟ هل النية المعقود القلب عليها وانشرح لها وتأكد تماما من نيته؟ أم نية وسواسية يعني ممزوجة بالوسوسة لا تعرف لها أصل؟ وهل لو تيقن الموسوس طلاق زوجته بسبب ألفاظ نطق بها فطلقها بناء على ذلك لظنه الطلاق ووقوعه بسبب الوسوسة هل يقع هنا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن القواعد الفقهية المعروفة أن الجواب يقتضي إعادة ما في السؤال، جاء في الأشباه والنظائر لابن نجيم الحنفي: القاعدة الحادية عشرة: السؤال معاد في الجواب، قال البزازي في فتاويه من آخر الوكالة وعن الثاني لو قال: امرأة زيد طالق وعبده حر وعليه المشي إلى بيت الله تعالى الحرام إن دخل هذه الدار. فقال زيد: نعم، كان زيد حالفاً بكله لأن الجواب يتضمن إعادة ما في السؤال. انتهى.

ومن أمثلة هذه القاعدة من قال له رجل ألك امرأة؟ فقال: لا، فإن الطلاق يقع إذا نواه، جاء في التاج والإكليل للمواق المالكي: من المدونة: إن قال لها لست لي بامرأة أو ما أنت لي بامرأة أو لم أتزوجك أو قال له رجل ألك امرأة؟ فقال لا، فلا شيء عليه في ذلك كله إلا أن ينوي به الطلاق. انتهى.

وبناء على ما تقدم فإن من قيل له لا تريد زوجتك؟ فقال نعم. وقع طلاقه إذا نواه؛ لأن تقدير الكلام نعم لا أريدها. وهذه الصيغة من كنايات الطلاق - يقع بها مع النية - لأنها لفظ يحتمل الفرقة وغيرها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 133580..

ومحل وقوع الطلاق هنا إذا كانت النية جازمة مع طمأنينة وراحة بال، أما إن كان الزوج المتكلم مريضاً بالوسوسة فشك هل نوى الطلاق أم الوعد به؟ أم كان الأمر مجرد وسوسة فلا شيء عليه؛ لأن الأصل عدم النية حتى يتحقق حصولها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 73239.

مع التنبيه على أن الموسوس لا يقع طلاقه ولو نطق بلفظه صريحاً ما لم يقصده قصداً حقيقياً في حال طمأنينة واستقرار بال، وذلك لأنه مغلوب على أمره في غالب أحواله، فهو في حكم المكره.

جاء في فتاوى نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين متحدثاً عن طلاق الموسوس: إن المبتلى بوسواس لا يقع طلاقه حتى لو تلفظ به في لسانه إذا لم يكن عن قصد، لأن هذا اللفظ باللسان يقع مع الموسوس من غير قصد ولا إرادة بل هو مغلق مكره عليه لقوة الدافع وقلة المانع، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا طلاق في إغلاق. فلا يقع منه طلاق إذا لم يرده إرادة حقيقية بطمأنينة... انتهى.

وعلى افتراض أن الموسوس قد نطق بالطلاق مريداً مختاراً فطلاقه نافذ، كما يقع طلاقه أيضاً إذا تلفظ به مريداً مختاراً لظنه لزوم الطلاق جهلاً، إذ لا تأثير للجهل على لزوم الطلاق. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 139403.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني