الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فسق الزوج وكرهه لا يمنع الزوجة من إعطائه حقوقه

السؤال

أنا سيدة مسلمة أخشى الله وأطيع الرسول صلى عليه الله وسلم، وأصلي لله جميع الصلوات، وعمري 61 عاما وزوجي يصلي ويبلغ عمره 68 عاما وقمنا بأداء فريضة الحج معاً ثلاث مرات، وأنا متزوجة منذ 38 عاما وما زلنا كذلك، ولي منه ثمانية أبناء، وهو يعمل دكتورا صيدليا في صيدلية، وقد وجدت في جواله المحمول أرقام نساء جنسياتهم مختلفة، وهو على علاقة بهن حيث إنه يقوم بإرسال بطاقات إعادة شحن الرصيد لهن، وهن يقمن بإرسال صورهن وصور فاضحة وخليعة له على هاتفه الجوال وأيضا يقوم بالاتصال بهن، ومنهن من يقابلها في مكان عمله ويتحدث معهن، وكنت قد نصحته كثيرا قبل ذلك وتحملت كثيراً من أجل أولادي وبناتي وقد تركت له البيت في هذه المرة منذ 8 أشهر, وسمح لي بالسفر وقد وعدني بالابتعاد عن هذه الأفعال وأنه لن يرجع إلى ما كان عليه وأنه سيتوب ويصلح نفسه، وقد وافق على سفري لأقيم مع بعض من أبنائي فترة في إحدى الدول الإسلامية حتى ترتاح نفسيتي من هذه المشكلة، إلا أن أبنائي المقيمين معه في المنزل اكتشفوا أنه ما زال مستمرا في كل ما يفعله، وقد قاموا بتحذيره من ضياع البيت وضياعهم وضياع السمعة ونصحوه بأن يبتعد عن هؤلاء النساء الساقطات، إلا إنه ما زال مصراً على معصية الله في هذا الأمر ولم يستجب لهم ولم يتغير منذ أن اكتشفته وتركته، علماً بأنني أصبت منذ عام بمرض السرطان، وقد عوفيت منه ـ والحمد لله والشكر لله ـ وأنا الآن أصبحت لا أطيق الحياة معه وأحتقره وأريد الطلاق منه، ولكن أبنائي يرفضون ويقولون لي إنهم سيستأجرون لي شقة أسكن فيها بعيداً عنه وذلك حفاظا على سمعتهم وسمعة العائلة، خاصة أن لدينا بنتين إحداهما متزوجة ولها ثلاثة أطفال، وسؤالي هو: ما حكم الـشـرع فـي الابـتعاد عنه في سكن منعزل مع قطع علاقتي به تماما، لأن قلبي يرفضه؟ وهل له حقوق علي في هذه الحالة رغم كل ما فعله وما يفعله بي؟ أرجو منكم إفادتي أثابكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى أن يتقبل منك كل عمل صالح وأن يرزقنا وإياك صالح العمل ويجنبنا الخطأ والزلل، وإذا صح ما ذكرت عن زوجك من أنه يحادث هؤلاء النساء ويستقبل منهن صوراً فاضحة فإنه قد أتى منكراً، وتكون مثل هذه الأفعال أكثر قبحاً بصدورها من رجل في مثل هذه السن، وما دام مصلياً فالمرجو منه أن تكون صلاته ناهية له عن الآثام، فالله تعالى يقول: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ {العنكبوت:45}.

فنوصي أولاً بكثرة الدعاء له بأن يهديه الله ويتوب عليه، وينبغي تعاهده بالنصح بأسلوب فيه لين ورفق وبالحكمة والموعظة الحسنة عسى الله أن يتوب عليه، ويمكن مطالعة آداب الدعاء في الفتوى رقم: 23599.

وما دمت في عصمته فيجب عليك طاعته في المعروف، ولا يجوز أن يكون كرهك له حاملاً لك على منعه شيئا من حقه الشرعي، ولكن يجوز لك في هذه الحالة أن تطلبي الطلاق منه لفسقه، أو تطلبي منه الخلع في مقابل عوض تدفعينه إليه، ولا ننصح بالتعجل إلى ذلك، بل ينبغي محاولة كل سبل الإصلاح، وانظري الفتوى رقم: 8649.

وأما الابتعاد عنه في سكن منعزل فلا حرج فيه إن رضي الزوج بذلك، إلا أن هذا قد يزيده فساداً، ويمكن أن ينصح بالزواج من امرأة أخرى إن رغب في ذلك بشرط أن يحقق العدل، وراجعي الفتوى رقم: 9451.

ويجب عليك طاعته في المعروف ما دمت في عصمته كما تقدم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني