الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لايقع الطلاق بمجرد قراءة ألفاظه أو حكايته أو النطق به سهوا

السؤال

أنا لست من أرسل الفتوى.
رقـم الفتوى : 146637
عنوان الفتوى : ثمار الوساوس المرة
لكن يوجد لدي 4 استفسارات وتعليق:
1-يوجد في الكتب والجرائد كلمات طلاق صريحة، والمسلم يقرأ في الكتب أو الجرائد يفاجأ أنه قرأها؛ لأنها كانت ضمن الكلام وهو لا يريد طلاق زوجته هل يقع بذلك طلاق؟
2-عندما يتحدث الناس في موضوع يشق على كل شخص أن يفرز الكلام الذى يقوله ويتفادى كلمات الطلاق الصريحة؛ لأنه يقع فى حرج هو يتكلم بعفوية ما يقال يقال ولا يستطيع تتبع كل الكلام حتى يبعد عن أي لفظ صريح هل يقع طلاق اذا كان يتكلم مع الناس بشكل عادي وأخطأ وقال لفظ صريح.
3-كثيرا ما يحدث مشاكل زوجية ويتناقش فيها هل تحل بالطلاق أم لا؟ ويصدر من الزوج ألفاظ صريحة أثناء الحوار، إذا ذهب للجنة الفتوى البعض يقول طلاق ولا محيص طالما خرجت ألفاظ صريحة من فمك، والبعض الآخر يقول حكاية لا يقع بها الطلاق. الناس تقع في حيرة، ولا أحد يستطيع أن يعرف الصواب. هل يوجد في كتب الفقه أو أقوال الفقهاء ما يفرق بين متى يكون ما قاله الشخص طلاقا أو متى يكون حكاية؟
4-إذا كان الشخص ساهيا أو سرحان ونطق بلفظ صريح هل يقع طلاق بأي من ذلك؟
الشرع جعل الطلاق بالألفاظ الصريحة فقط أوقع ناس كثيرة في حيرة. لأن الناس في حياتها اليومية تحتاج للكلام ممكن أي كلمة طلاق صريحة لا يريدها المسلم نطقها ضمن الكلام ولم يكن يريد طلاق حتى يشرح أو يبين أو يتناقش مع شخص. يعنى جعل الطلاق بالألفاظ الصريحة مشكلة كبيرة، فتحت باب الفتاوى والشك والوسوسة والمشاكل آناء الليل وأطراف النهار أليس كذلك؟ انظروا في الفتاوى التي على موقعكم تقريبا نصفها حول الطلاق وقت وجهد كبير في فتاوى الطلاق ومشقة وعناء ووسوسة وشك. وهذا مخالف لمقاصد الشريعة؛ لأن المشقة تجلب التيسير. أليس الأولى وجود أشياء أخرى تحكم الطلاق مع الألفاظ مثل الشهود وصيغة ليس فقط من الزوج، لكن من ولي المرأة مثلما يحدث عند عقد النكاح.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد تضمن سؤالك عدة أمور نفصل الجواب عليها فيما يأتي:

أولا. الطلاق لا يقع إلا إذا قصد الزوج إنشاء التلفظ بلفظ صريح أو كناية مع النية. وراجع المزيد في الفتوى رقم: 142387.

وبناءً على ذلك فلا يقع الطلاق في حق من قرأ ألفاظ الطلاق الصريح في كتاب أو جريدة أو نطق بها أثناء الحديث مع غيره على سبيل الحكاية أو تلفظ بها سهوا أو نسيانا، فالحاصل أن الحالات الأربع التي تناولها السؤال لا يقع الطلاق بأي منها.

ثانيا: ألفاظ الطلاق لا تقتصر على الصريح فقط، بل يقع بالكناية مع النية، وهي كل لفظ يحتمل الفراق وغيره.

قال ابن قدامة في المغني : إذا ثبت أنه يعتبر فيه اللفظ، فاللفظ ينقسم فيه إلى صريح وكناية فالصريح يقع به الطلاق من غير نية، والكناية لا يقع بها الطلاق حتى ينويه، أو يأتي بما يقوم مقام نيته. انتهى

ثالثا ـ الوسيلة التي يقع بها الطلاق ـ من صريح أو كناية ـ وسيلة منضبطة ولا تفتح باب الشك والوسوسة على الناس، ولا توقعهم في الحرج، كما أن الفتاوى التي أشرت إليها والمتعلقة بوساوس الطلاق لا تتنافى مع مقاصد الشرع من يسر وسهولة.

وقد جاءت كعلاج لحالات معينة ورد السؤال عنها.

رابعا ـ الشرع الحكيم قد جعل الطلاق بيد الزوج لا بيد الزوجة ولا وليها. جاء في تفسير الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: ومنها: أن الطلاق بيد الزوج؛ لقوله تعالى: { وإن عزموا الطلاق }؛ والضمير يعود على «الذين يؤلون من نسائهم» .انتهى

وقد بين الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في اضواء البيان الحكمة من ذلك قائلا : ومن هدي القرآن لِلتي هي أقوم ـ جعله الطلاق بيد الرجل. كما قال تعالى: { يأيُّهَا النَّبِىُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ...}الآية[65/1]، ونحوها من الآيات. لأن النساء مزارع وحقول، تبذر فيها النطف كما يبذر الحب في الأرض. كما قال تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ} [2/223]. ولا شك أن الطريق التي هي أقوم الطرق: أن الزارع لا يرغم على الازدراع في حقل لا يرغب الزراعة فيه، لأنه يراه غير صالح له. انتهى

خامسا ـ المسلم عليه الخضوع لأمر الله تعالى والاستسلام لحكمه وشرعه، ولو لم تظهر له الحكمة في ذلك، فليس كل حكم شرعي ندرك الحكمة منه، فإذا جاء أمر الله تعالى فما على المؤمن إلا أن يقول سمعنا وأطعنا، سواء علم الحكمة أم لم يعلمها.

قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع: ولهذا إذا صادفك سائل ليس جدلياً، وقال: ما الفرق بين هذا وهذا؟ فقلتَ: هذا حكمُ الله يسكت، لأنه مؤمن، ويعلم أن الله لا يفرق بين متماثلين إلا لفرق بينهما، إما معلوم أو غير معلوم، لكن الجدلي يتعبك بالجدل ويتعمق. انتهى.

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني