الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طول الحياة في طاعة الله خير للمسلم

السؤال

أنا تعبت من الدنيا، أفضل الموت، وأنتظر الانتحار، وأعرف أنه حرام، وأفكر في الموت حتى لو تعذبت، فإن عذاب الله أخف. أنظر إلى المدافن وأتمنى أن أكون معهم، وأقول يارب تريحني من عذاب الدنيا، ونفسي أذهب إلى مكان بعيد، ولا أريد أن أرى أحدا، ولا أريد أحدا يراني، وأخاف أن أكون اقتربت من مرحلة الكفر، وخائفة ومتعبة، ما عندي رغبة في الحياة، زهدت في كل شيء من الأكل والمعيشة، وأدعو الله أن تدوسني سيارة وأموت، ولو كنت راكبة سيارة أتمنى أن يحدث حادث وأموت. فلقد تعبت وأريد الموت، وأشعر أني سأرتاح إذا مت.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاتقي الله أيتها الأخت الكريمة، واطرحي عن نفسك هذه الأفكار التي يلقيها الشيطان في قلبك، واعلمي أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهانا عن تمني الموت، بل طول الحياة في طاعة الله خير للمسلم، فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الناس خير؟ فقال: من طال عمره وحسن عمله. رواه الترمذي وحسنه.

فالمؤمن يحب طول الحياة في طاعة الله تعالى ليزداد خيرا ورفعة درجة وكثرة أجر، والحياة وإن كان فيها ابتلاء وشدة، فإن المؤمن إذا قابل ذلك بالصبر والاحتساب نال بذلك أعظم الأجر، فلا تجمعي على نفسك مصيبة فوات الأجر مع ما أنت فيه.

وأما ما تزعمينه من أن عذاب الله لو صرت إليه عياذا بالله أهون مما أنت فيه، فمن جهلك بحقائق الأمور، فإن أحدا لا صبر له على عذاب الله تعالى في الآخرة.

وقد قال عز وجل، وحسبك به قولا مبطلا لظنك: وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى { طـه:127}

ولا شك في أن سبب ما تعانينه من الشقاء والعناء هو بعدك عن الله تعالى، وعدم تمسكك بشرعه المطهر، ولا طريق لزوال المتاعب والهموم عن الإنسان إلا أن يقبل على الله تعالى، ويعتصم بحبله، ويلوذ به، ويلجأ إليه في تحصيل ما ينفعه ودفع ما يضره.

فأقبلي على الله تعالى، واجتهدي في عبادته والتقرب إليه، وادعيه سبحانه أن يكشف عنك ما تجدين من الهموم والغموم التي تحملك على ما تذكرين، واسأليه بتضرع وإخلاص أن يشرح صدرك وينور قلبك ويذيقك طعم السعادة ولذة الأنس به سبحانه والفرح بمناجاته وطاعته. هذا هو سبيل الحياة الطيبة في الدنيا، ثم ما أعد الله لأهلها في الآخرة من الكرامة شيء آخر لا يأتي عليه الوصف.

قال جل اسمه: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {النحل:97}

وننصحك بأن تراجعي طبيبة نفسية ثقة مستقيمة على الشرع، فربما كان في ذلك خير إن شاء الله، كما يمكنك مراجعة قسم الاستشارات بموقعنا بهذا الخصوص.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني