الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أهديت له هدية فأخبر مديره فأذن له فهل ينتفع بها

السؤال

أعمل إداريا في إحدى شركات الاستشارات وقدم لي أحد العملاء مبلغا من المال كهدايا فرفضت وبعدها قدم لي هدية عينية وأصر علي وقال: الرسول صلى الله عليه وسلم قال: تهادوا تحابوا ـ فقلت له إني سأخبر مديري على أي حال وبعد إصراره أخبرت المدير بكل القصة وقال لي خذها، لأنه لا يوجد حرج خاصة أنك لا تملك اتخاذ القرارات في العمل، فقلت له إني غير متقبل المبدأ فقال لي حسناً سأسأل بخصوص شرعية هذه الهدية وأخبرك وبعد أيام سألته حيث إن الهدايا مازالت معي فقال إنه سأل واتضح له أنها نوع من الرشوة الواضحة وأنا الآن أنا محرج ولا أدري ماذا أفعل أفيدوني جزاكم الله خيرا أأرجع الهدايا أم ماذا أفعل؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن أهديت له هدية من أجل عمله الواجب الذي يتقاضى عليه أجرا فهي غلول، ولا يجوز له أن يأخذها ما لم تأذن له جهة عمله في ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: هدايا العمال غلول. صححه الألباني.

وقال لرجل كان عاملا على الزكاة وقد أهديت له هدية: ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا لكم وهذا أهدي لي، أفلا قعد في بيت أبيه، أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا؟ والذي نفس محمد بيده لا ينال أحد منكم منها شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه. رواه البخاري ومسلم.

لكنك ما دمت قد أخبرت المدير وأذن لك في أخذها فلا حرج عليك في ذلك، وإن شئت أن تتصدق بها تورعا واحتياطا فهو أولى، لئلا يكون انتفاعك بها في حاجة نفسك مدعاة لمحاباة من أهداها إليك في مجال عملك بإبطال حق، أو إحقاق باطل، فقد نقل عن عمر بن الخطاب أن رجلا أهدى له فخذ جزور، ثم أتاه بعد مدة معه خصمه فقال: يا أمير المؤمنين اقض لي قضاء فصلا كما يفصل الفخذ من الجزور ؟ فضرب عمر بيده على فخذه وقال مرددا نص القاعدة النبوية السابقة: الله أكبر اكتبوا إلى الآفاق: هدايا العمال غلول.

وروى النسائي في السنن الكبرى: أن رجلا من عمال عمر أهدى نمْرُقَتَيْنِ ـ النمرقة وسادة يتكأ: يجلس عليها ـ لاِمْرَأَته فَرَآهُمَا فَقَالَ مِنْ أَيْنَ لَكَ هَاتَيْنِ؟ اشْتَرَيْتِهِمَا؟ أَخْبِرِينِى وَلاَ تَكْذِبِينِى، قَالَتْ بَعَثَ بِهِمَا إِلَىَّ فُلاَنٌ فَقَالَ قَاتَلَ اللَّهُ فُلاَنًا إِذَا أَرَادَ حَاجَةً فَلَمْ يَسْتَطِعْهَا مِنْ قِبَلِى أَتَانِى مِنْ قِبَلِ أَهْلِى فَاجْتَبَذَهُمَا اجْتِبَاذًا شَدِيدًا مِنْ تَحْتِ مَنْ كَانَ عَلَيْهِمَا جَالِسًا فَخَرَجَ يَحْمِلُهُمَا فَتَبِعَتْهُ جَارِيَتُهَا فَقَالَتْ إِنَّ صُوفَهُمَا لَنَا فَفَتَقَهُمَا وَطَرَحَ إِلَيْهَا الصُّوفَ وَخَرَجَ بِهِمَا فَأَعْطَى إِحْدَاهُمَا امْرَأَةً مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ وَأَعْطَى الأُخْرَى امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ.

فعمر دفع بهما لغيره ليكون ذلك تخلصا منهما أن ينتفع بهما هو في خاصة نفسه، أو أهل بيته، وللمزيد انظر الفتوى رقم: 133116.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني