الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توضيح حول آية (لم يلد ولم يولد) ولماذا لم ينف الله تعالى المستقبل

السؤال

لقد قال شخص: لماذا قال الله تعالي جملة (لم يلد ولم يولد) بالفعل الماضي ولم يأت بزمن المستقبل، وللأسف سمعت ذلك، ولكني الحمد لله وجدت إجابة على ذلك، وهي أن الله ربط بين أسمائه وصفاته وبين عدم اتخاذه للولد، ولا يعقل أن يتمتع الله بهذه الصفات في المستقبل. والآن كلما أقرأ القرآن أقول: لماذا أتى الله بلفظ المضارع دون المستقبل؟ فلا أعلم ماذا أفعل. مثال لذلك (وذلك على سبيل المثال لا الحصر)، لقد قال تعالى (إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه) صدق الله العظيم فأقول لماذا جاء لفظ (لا يأتيه) في صيغة الفعل المضارع ولم يأت في زمن المستقبل... وهكذا.. فسؤالي هو هل الفعل المضارع الذي ليس به علامة من العلامات الدالة على المستقبل (كالسين) يدل أيضا على المستقبل؟ وماذا أفعل في المشكلة التي أنا فيها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن فعلي يلد ويولد مضارعان، ولكنه دخلت عليهما لم وهي حرف نفي وجزم وقلب، يعني أنها تقلب زمن الحال والاستقبال إلى الزمن الماضي، ومنه قول الله تعالى (لم يلد ولم يولد)، قال ابن هشام في مغني اللبيب: لم حرف جزم لنفي المضارع وقلبه ماضياً. انتهى.. وقال أبو حيان في تفسير البحر المحيط: لم حرف نفي معناه النفي وهو مما يختص بالمضارع اللفظ الماضي معنى. انتهى.

وأما عن عدم النفي للمستقبل في سورة الإخلاص، فقد علله الشوكاني في فتح القدير بقوله: وإنما عبر سبحانه بما يفيد انتفاء كونه لم يلد ولم يولد في الماضي، ولم يذكر ما يفيد انتفاء كونه كذلك في المستقبل؛ لأنه ورد جواباً عن قولهم: ولد الله كما حكى الله عنهم بقوله: أَلَا إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ. فلما كان المقصود من هذه الآية تكذيب قولهم وهم إنما قالوا ذلك بلفظ يفيد حصول الولد فيما مضى وردت الآية لدفع قولهم هذا. انتهى.

وأما (لا) الواردة في قوله: لا يأتيه الباطل. فهي لا تصرف المضارع للماضي مثل لم، بل تدل على نفيه في المستقبل، ولا يشترط وجود السين فيه ولا سوف، كما قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: المضارع يحتمل الحال والاستقبال فإذا دخل عليه (لا) النافية أفادت انتفاءه في أزمنة المستقبل كما درج عليه في (الكشاف) وهو قول جمهور أهل العربية. انتهى.

والقاعدة في المضارع كما يقول النحويون هي أنه يستعمل للدلالة على الحال والاستقبال، أي: لأحدهما أو لهما معاً، والماضي غير المنقطع المتصل بالحال، ولا يلزم من دلالته على الاستقبال أن تصحبه أدوات التنفيس، ولكنه إذا دخلت عليه (لم) أو (لما) انقلب زمنه إلى الماضي، وإذا دخلت عليه (لام التوكيد) أو (ما) النافية تعين للحال، وإذا دخلت عليه (السين أو سوف) تعين للاستقبال.

قال المرادي في الجنى الداني في حروف المعاني: سوف حرف تنفيس، يختص بالفعل المضارع، ويخلصه للاستقبال كالسين. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني