الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يحكم بنجاسة شيء إلا باليقين القاطع

السؤال

أرجو أن تفهموا القصة وتجيبوا على الأسئلة، فأنا في أشد الحاجة للعلاج والتوبة إنني خائف جدا، أنا التزمت بالدين قبل سنة تقريبا، وبلاني الله بالوسواس القهري من ثلاثة أشهر، نسأل الله العافية.
أنا أعاني من وسواس قهري شديد في الطهارة والعقيدة، فأنا مصاب بسلس البول، فأتأخر في دورة المياه فترات تصل إلى ساعات، وعندي وسواس في انتقال نجاسة البول القليلة جدا بمقدار تعرق كف اليد.
فأنا عندما أتبول وأنتهي يستمر خروج قطرات بعد التبول بمقدار ربع فنجان القهوة لفترة تصل إلى نصف ساعة، ثم بعد ذلك يتوقف، فأنا أتطهر بعدها، وأصلي لأن الذي أنا مصاب به ليس سلسا، وإنما يستمر البول بالخروج ( بعد التبول فقط ).
وفي يوم كان ثوبي الداخلي مبتلا بالماء، ثم عصرته قليلا، وبنطالي أيضاً، ولكن أقل رطوبة، وقد وضعت كمية كثيرة من المناديل لكي لا يصل البول إلي ملابسي الداخلية، ولكن تبللت المناديل لوجود الماء حول العانة، وسوست وصرت لا ألمس بنطالي، خفت أن ينتقل البول إلى خارج البنطال، لأن المناديل رطبة والملابس الداخلية رطبة.
وفي جيبي وضعت الحزام لوضع البطاقة الشخصية المدرسية التي تعلق على الرقبة، وخفت الآن قد انتقل إليه البول، والحزام من قماش فشممت رائحة غريبة قد تشبه رائحة البول، فشككت أنه قد انتقلت إليه النجاسة، فعندما ألمسه صرت أشك بأنه نجس، ومع العرق الذي في يدي قد انتقل إلى حقيبة المدرسة. فهل أنا متبع الشيطان وموسوس؟ وهل الله يعاقبني على هذا الفعل. وكل ما أمسك بالحقيبة أغسل يدي، وأحرص على أن تكون يدي جافة لتجنب لمس النجاسة الذي انتقل مع العرق. فهل الله يعاقبني على هذا على أني متبع الوسوسة والشيطان؟
وأستغفر الله العظيم، تماديت وتطاولت على الله وسبيت، وفي بعض الفترات تركت الصلوات وعندي اعتقاد بأنه يستمر في معاقبتي ما دمت موسوسا من شيء ومتبعا الشيطان، فأنا الآن لا أعرف هل هو فعلا نجاسة؟ وهل انتقلت النجاسة أم لا؟ واعتقدت باعتقادات بأن الله يعاقبني ما دمت موسوسا وشاكا، ويعاقبني بأن تخرج قطرات بول عندما أتوضأ، وتركت الصلوات وأسأت الظن بالله جدا جدا جدا وقلت في داخلي بأن الله لا يريدني أن أصلي وأعود وأتوب، وأنا خائف جدا جدا جدا وأني خائف أن أموت على هذا الحال.
والله العظيم أريد التوبة من كل قلبي، ولكن لا أعرف كيف. هل عندما أكون موسوسا أكون عاصيا؟ إذا كان نعم. فهل توجد توبة لها؟ أريد التوبة هذه الساعة، والله إني ندمان وخائف جدا أريد أن أعود إلى الله أحسن التعامل معه.
علما بأن إيماني قد ضعف بشدة، ومن شدة الأفكار الكفرية التي تأتي في ذهني لا أعرف أشعر بأن دماغي قد غسل، وأني نائم في كوابيس، وأريد أن أصحو منها وأستغفر الله العظيم وأتوب إليه أني أظن بأني عدو الله.
وأنه دائما يعاقبني بخروج البول عند الوضوء إلى أن أتوب من اتباع الوسوسة وأكف عنه.
أخاف أستحم في الدش وتخرج قطرات البول على بدني، وصرت أستحم وأنا جالس على الكرسي الأفرنجي اعتقاد أنني أتهرب من عقاب الله بأن لا تخرج قطرات على بدني. فهل هذا يعتبر سوء ظن بالله وتحديا وتطاولا ؟
وفي مرة أريد أن أحسن الظن وذهبت لأتطهر بعد التبول بنصف ساعة أي عندما يتوقف البول ولم ألبس سروالا تحتيا، وأحسنت الظن بالله، وقلت إن الله لا يعاقبني فنضحت الماء على ذكري وثيابي ولبست الفوطة، وذهبت لأصلي ثم انتهيت وخفت أن تكون قد خرجت قطرات ( عقاب الله ) ولم ألمس الثوب، وقلت سأرى عندما يجف الثوب إذا وجدت بقعا، فإنه خرجت قطرات البول، ثم ذهبت للنوم، وعندما استيقظت وجدت بقعا كثيرة على ثوبي فعندئذ عرفت أن الله يعاقبني ( فهل هذا الاعتقاد صحيح أم مجرد اعتقاد باطل )
وأشعر بأن الله ختم على قلبي.
أريد أتوب من سوء الظن، والله إني كل يوم أبكي وأبكي أريد إن أتوب، وآسف إذا أطلت الحديث.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله لك الشفاء والعافية، وأن يرزقك توبة نصوحا، ولا يلزم أن يكون ما أنت مصاب به من الوسوسة عقوبة من الله لك، ولكن قد يكون ذلك ابتلاء منه سبحانه وتعالى ليختبر صبرك وحرصك على الدين، فالواجب عليك ألا تستسلم لوسوسة الشيطان ولا لتلبيسه، بل كلما وسوس لك أنه قد خرج منك شيء فلا تعبأ بذلك، وامض في شأنك، ولا تحكم بنجاسة شيء معين إلا إذا تيقنت من تنجسه يقينا جازما تستطيع أن تحلف عليه.

وإذا شككت في انتقال النجاسة من جسم لآخر، فالأصل عدم انتقالها، فاعمل بهذا الأصل، وابن عليه حتى يحصل لك اليقين بخلافه، فما دمت لم تتيقن من أن النجاسة قد انتقلت من هذه المناديل إلى ثيابك الداخلية فإن الأصل هو طهارة هذه الثياب فضلا عما فوقها.

والأمر يحتاج منك إلى مجاهدة حقيقية وصبر على دفع هذه الوساوس وعدم الالتفات إليها.

واعلم أن الشيطان - عدو الله - يريد أن يحول بينك وبين الخير، ويمنعك من العبادة بما يلقيه في قلبك من الوساوس، وقد نجح في ذلك بعض النجاح حين منعك بسبب هذه الوساوس من الصلاة، فلتكن عندك إرادة صادقة وعزيمة قوية في التغلب على الشيطان ودفع مكره وكيده، وأنت منصور عليه بإذن الله إذا صدقت المجاهدة واستعنت بالله تعالى، فحافظ على صلواتك ولا تفرط في شيء منها، ولا تطل المكث في الخلاء، بل متى فرغت من قضاء حاجتك فانهض.

وما دمت تعلم أن البول يستمر خروجه منك مدة، فإن كنت متيقنا بذلك، ولم يكن ذلك مجرد وسوسة فانتظر حتى ينقطع خروج البول ثم توضأ وصل، وتعامل مع بدنك وثيابك وجميع الأشياء من حولك على أنها طاهرة، فلا تحكم بنجاستها إلا بعد اليقين الجازم، وتب إلى الله تعالى مما وقع منك من السب فإن صدقت توبتك تاب الله عليك.

وأما ما يقع في نفسك من وساوس العقيدة فإنها لا تضرك ما دمت كارها لها نافرا منها، ولكن احرص على مجاهدتها ودفعها ما أمكن، وأنت مأجور على ذلك إن شاء الله، ولست عاصيا بسبب ما يعرض لك من الوساوس، لكنك تأثم إذا حملتك هذه الوساوس على معصية الله تعالى، وكان دفعها ممكنا لك فلم تفعل. وانظر للفائدة الفتاوى التالية أرقامها، 51601، 134196، 147101.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني