الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

صارت مشكلة بيني وبين زوجتي بخصوص سفري لوحدي خارج البلاد. فقلت لها: أنا لن أسافر خارج البلاد لوحدي، لكن أنت ما تروحي الأفراح(الزواجات) وحتى الأقارب ظنا مني أنها لن تقبل، وحينما قبلت شرطي قلت لها إنني سأعقد يمين الطلاق عليك إذا ذهبت فوافقت. وبعدها قلت لها بالحرف الواحد (أي زواج تروحينه أنت طالق) ومرت الأيام، وجاء عقد قران أختها ولم تذهب، والآن صارت مشكلة بسبب هذا الشيء مع أهلها. ما هو الحل؟ أفيدوني أثابكم الله. هل هذا يعتبر يمينا وليس طلاقا، وهل إذا سافرت لوحدي إلى خارج البلاد ينقض عقد الطلاق؛ لأني نقضت عهدي معها. في انتظار ردكم علما بأن الزواج سيكون قريبا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن قولك مخاطبا زوجتك : [أي زواج تروحينه أنت طالق ] تعليق لطلاقها على الخروج لحفل زواج، ولا فرق عند جمهور أهل العلم بين قصدك به اليمين وبين قصدك به الطلاق المعلق، خلافا لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ومن وافقه. والمخرج الوحيد من وقوع الطلاق ـ عند الجمهور ـ ألا تخرج زوجتك إلى أي زواج، فإن خرجت لحفل زواج أختها أو غيره فقد وقع الطلاق عند الجمهور ـ بمن فيهم المذاهب الأربعة وهو القول الراجح.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: تلزمك كفارة يمين إن كنتَ لا تقصد طلاقا، وإنما قصدت منعها أو تهديدها أو نحو ذلك. وراجع الفتوى رقم: 19162.

ولا يمكنك التراجع عن هذا الطلاق المعلق ولا إلغاؤه ـ عند الجمهور ـ وقال شيخ الإسلام ابن تيمية يجوز لك أن تتراجع عنه إذا قصدت الطلاق لا إن قصدت اليمين.

قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ في الشرح الممتع: إذا علق طلاق امرأته على شرط، فهل له أن ينقضه قبل وقوع الشرط أو لا؟ مثاله: أن يقول لزوجته: إن ذهبتِ إلى بيت أهلك فأنت طالق ـ يريد الطلاق لا اليمين، ثم بدا له أن يتنازل عن هذا، فهل له أن يتنازل أو لا؟ الجمهور يقولون: لا يمكن أن يتنازل، لأنه أخرج الطلاق مِنْ فِيهِ على هذا الشرط، فلزم، كما لو كان الطلاق منجزاً، وشيخ الإسلام يقول: إن هذا حق له، فإذا أسقطه فلا حرج، لأن الإنسان قد يبدو له أن ذهاب امرأته إلى أهلها يفسدها عليه، فيقول لها: إن ذهبت إلى أهلك فأنت طالق، ثم يتراجع ويسقط هذا. انتهى.

وفي حال وقوع الطلاق فلك مراجعتها قبل تمام عدتها إن لم يكن هذا الطلاق مكملا للثلاث، وما تحصل به الرجعة سبق بيانه في الفتوى رقم: 30719.

ولا يتكرر عليك الطلاق إذا خرجت زوجتك لزواج آخر؛ لأن اليمين تنحل بالخروج الأول، فصيغة يمينك لا تفيد التكرار.

قال ابن قدامة متحدثا عن أدوات تعليق الطلاق: وليس في هذه الحروف ما يقتضي التكرار إلا كلما. انتهى

وبخصوص سفرك وحدك للخارج وعدم الوفاء بما وعدت به زوجك، فلا ينحل به حلفك الطلاق المعلق، ولا يجب عليك الوفاء بهذا الوعد؛ لأن الوفاء بالوعد مستحب فقط لا واجب عند الجمهور. وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 141126.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني