الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الله تعالى يغفر الذنب مهما كان عظيما

السؤال

كنت أمارس الزنا وأنا صغير، بعدما شاهدت فيلما جنسيا في سن الثامنة، حتى سن الرابعة عشرة، وبعد ذلك استمررت في العادة السرية والأفلام الإباحية. في سن العشرين تقريبا دعاني أصدقائي لشرب الخمر مرة واحدة، وبعدها لم أفعلها ثانية، ثم دعوني لشرب الحشيش، وبعدها أصبت بمرض نفسي صعب للغاية، واشتد علي المرض، ولما يئست من المرض تحايلت على الله في الشفاء وقلت إني أتحدى الله أن يشفيني وكنت أتطاول على أموال من أعمل معهم، ولكني صارحتهم بعدها، وكنت أسيئ معاملة أمي وأبي ومدخن مسرف.
وندمت على ذلك كثيرا، وبعدها تركت الصلاة لفترة وتحسنت حالتي، ثم عملت بمكان كمدرس وتعرفت على فتاة هناك، وتقربت إليها، ومارسنا الجنس هاتفيا، ثم اختليت بها ولامست جسدها دون حجاب بالفم، بعدها أصبت بأعراض تشبه السرطان، فرحت أبحث عن التحاليل والأشعات كي أتأكد أني غير مصاب، ولم يظهر شيء، فعدت إلى الله، وأنا لازلت أشك أني مصاب بالمرض، ولكن بعد التوبة وجدت نفسي أفعل ذنوبا أكبر، ووجدت كل آيات العذاب منطبقة علي، فأحسست بيأس كبير، وجاءني وسواس بسب الله والعياذ بالله، وكان شديدا لا يذهب بالاستعاذة ولا الذكر، ثم كنت ذات مرة ألعب مع أصدقائي للترفيه فجاءني الوسواس، واشتد، وجاءني صوت بضميري أتسمع سب ربك وأنت راض عن ذلك، ولكني لم أغير المكان، واستمررت باللعب على أن الوسواس سيأتيني بأي مكان، ثم جاءني بسب الصلاة في الصلاة، فأجد نفسي أحيانا أوافق عليه؛ لاني أشعر بثقل في الصلاة، وسببت القرآن في نفسي دون رغبة في ذلك، وكنت أتعمد ترك صلاة الفجر لأني غير قادر على النزول في المسجد وأصليها في البيت. ويأتيني سب لله والرسول في ذهني أردده وأحلله. بعد ذلك كله أود أن أعرف هل لي من توبة أم أني الآن كافر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أسرفت على نفسك أيها الأخ، فعليك أن تندم على ما فرط منك، وأن تتوب إلى الله توبة نصوحا، وأن تجتهد في الاستقامة على الشرع الحنيف، واعلم أنه مهما عظم ذنبك، فإن رحمة الله تعالى وسعت كل شيء، وهو تعالى يقبل توبة العبد إذا صدقت توبته، ويعينه على التوبة إذا صدق في مجاهدة نفسه، ويغفر ذنبه مهما كان عظيما، كما قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}

فاستقم على شرع الله، وافعل ما يأمرك الله به، واترك ما ينهاك الله عنه.

وأما هذه الوساوس فأعرض عنها، ولا تلتفت إليها، وجاهد نفسك في محاولة التخلص منها، واعلم أنك ما دمت كارها لها نافرا منها غير مطمئن القلب بها فإنها لا تضرك، وأنت على الإسلام والحمد لله، فلا تمكن الشيطان من قلبك، ولا تفتح له الباب ليصدك عن الطاعة ويصرفك عن الرجوع إلى الله تعالى، وراجع الفتوى رقم: 147101، وما أحيل عليه فيها.

واحرص على صلاة الفجر في المسجد، فإن الجماعة في المسجد لا يعدلها شيء، ولكنك إن صليت في بيتك جماعة مع بعض أهلك في الوقت برئت ذمتك، ولم يكن عليك إثم عند أكثر العلماء الموجبين للجماعة، وأما ما بدر منك من قولك إنك تتحدى الله أن يشفيك فإنه قول عظيم لما فيه من جحد قدرة الله تعالى، فتب إلى الله تعالى منه ولا تعد لمثله، واعلم أن الله على كل شيء قدير، وأنه تعالى قد أحاط بكل شيء علما، ولا تستثقل الصلاة ولا تملها، بل احرص على أدائها بخشوع وإقبال على الله تعالى، وستجد مع مجاهدتك لنفسك على تحصيل الخشوع لذة الصلاة وأنس العبادة وحلاوة مناجاة الله تعالى.

وابتعد عن رفقاء السوء فإن مخالطتهم من أعظم ما يجر إلى الشر، واستبدلهم بغيرهم من أهل الإيمان الذين يحثونك على الخير ويحملونك عليه.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني