الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الأخذ بفتوى ابن تيمية بعدم لزوم قضاء الفوائت

السؤال

إخواني: الجواب على سؤالي سوف يحدد مسار حياتي لأني فعلا ضايع وخائف من عذاب الله.
لدي ثلاث نقاط أرجو الإجابة عنها وسأدعو لكم طوال حياتي. أرجوكم لا تردوني.
النقطة الأولى:انا لدي أثر شريط لاصق في مؤخرتي من جرح سابق، واغتسلت ناسيا وجوده ، وصليت صلواتي، ثم تذكرت وجوده، فحاولت بقدر المستطاع أن أزيله، فأزلته وبقي جزء صغير منه يشق علي إزالته. فما حكم صلاتي بوجود هذا الأثر؟ وهل علي الذهاب إلى الطبيب لكي أطلب منه إزالته، علما أن في ذلك إحراجا كبيرا جدا.النقطة الثانية:لقد وجدت لكم فتوى بأن من كان في سرته أوساخ ناسيا وجودها واغتسل فغسله غير صحيح، وعليه إعادة جميع الصلوات التي صلاها. فحاولت إزالة هذه الأوساخ التي نسيت وجودها أنا أيضا بقدر المستطاع، وبقي وسخ قليل وعميق لا أستطيع إزالته. فهل يجوز أن أغتسل بوجود هذا الوسخ ؟ وما حكم صلواتي التي صليتها من يوم توبتي؟ هل هي جميعها باطلة ؟ علما بأني رأيت فتوى لشيخ الإسلام بعدم إعادة هذه الصلوات، وهي صحيحة و قد ارتاح قلبي قليلا، لكني ما زلت أشعر بالخوف والقلق بسبب فتواكم بأن هذه الصلوات دين في رقبتي، فلا أريد أن أفارق هذه الدنيا و الله غاضب علي.النقطة الثالثة:أنا تركت صلاتي من يوم بلوغي تقريبا، وقد كنت أصلي يوما وأترك يوما، ثم تركتها كليا، ولم أعد أصلي وأنا الآن تبت، وخائف من عذاب الله خوفا شديدا فماذا أفعل ؟ علما بأني ولقوة الأدلة اقتنعت بفتوى شيخ الإسلام بأنه علي أن أتوب توبة نصوحة إلى الله ولا أعيد الصلاة التي تركتها متعمدا.
ساعدوني جزاكم الله خيرا، فقد ضاقت بي الدنيا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأما هذا المتبقي من هذا الشريط اللاصق عليك إزالته فلو لم يمكنك ذلك إلا بالاستعانة بطبيب وجب عليك ذلك؛ لأن وصول الماء إلى جميع البدن في الغسل واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. وإلى حين تتمكن من إزالته فالواجب عليك أن تمسح عليه بالماء في الطهارة الكبرى؛ لأنك في معنى صاحب الجبيرة والحال ما ذكر من عجزك عن إزالته بنفسك. وانظر الفتوى رقم : 125253.

وأما ما بداخل السرة من الوسخ فتجب إزالته إن كان مصدره خارج البدن، وأما إن كان ناشئا عن نفس البدن كالعرق المتجمد ونحوه كما هو المعتاد فلا يعد هذا حائلا، بل حسبك أن توصل الماء إليه؛ لأنه محكوم بكونه من البدن، فلا داعي للتنطع والوسوسة في هذا الباب، فإنها تجر إلى شر عظيم. فالواجب عليك هو إيصال الماء إلى داخل سرتك في الغسل لأنه في حكم الظاهر، وأن تزيل ما عسى أن يوجد من وسخ مصدره خارج البدن، وهذا يسير جدا لا يتصور العجز عنه. وراجع الفتوى رقم : 139324.

واعلم أن بعض العلماء سهلوا في الحائل اليسير عرفا الذي يشق الاحتراز منه، فصححوا الطهارة مع وجوده وانظر الفتوى رقم : 137118.

وأما ما ذكرته من فتوى ابن تيمية بعدم لزوم القضاء لك إذ صليت جاهلا بوجود هذا اللاصق أو هذا الوسخ على فرض وجوب إزالته، فما نسبته إلى الشيخ صحيح، ونحن نسلم بقوة ما ذهب إليه الشيخ ونهوضه من حيث الدليل، ولكننا نرى أن الأحوط متابعة الجمهور في هذه المسألة لتبرأ الذمة بيقين. ومن أراد تقليد شيخ الإسلام في هذه المسألة فلا تثريب عليه فهو رحمه الله من أهل الاجتهاد والتحقيق بلا شك. وانظر الفتويين رقم : 125226. ورقم : 109981.

وأما الصلاة المتروكة عمدا فالخلاف في وجوب قضائها معروف، وهي مسألة كبيرة طال فيها الجدال بين العلماء، وهي من المضايق كما قال الشوكاني رحمه الله، ونحن نرى متابعة مذهب الجمهور في هذه المسألة فإنه أحوط وأبرأ للذمة. وانظر الفتوى رقم : 128781. فإن بدا لك قوة ما ذهب إليه شيخ الإسلام أو أرادت تقليده في هذه المسألة فلا جناح عليك إن شاء الله، وإن أردت القضاء موافقة للجمهور واحتياطا للدين فهو حسن. ولبيان كيفية القضاء انظر الفتوى رقم : 70806.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني