الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوسائل المشروعة لاستثمار المال كثيرة

السؤال

أنا شاب متزوج، ولدي أسرة من طفل وزوجة، وأعمل بالترجمة، مشكلتي هي أن لدي مبلغ من المال ولا أعرف كيف أوظفه بالتجارة أو أي شيء آخر في بلدي مصر، حيث إن كل شيء هنا غير مستقر ومتعب، وأرغب في وضع هذا المال بالبنك للحصول على فائدة شهرية أصرف منها على نفسي وعلى أسرتي، سؤالي هو هل لو وضعت هذا المبلغ بعائد شهري ثابت، وصرفت من هذه الفائدة الشهرية حرام؟ هل سآكل من حرام؟ وماذا أفعل أو ما هو البديل عن وضع الفلوس بالبنك، وأنا لا أعلم أي شيء في التجارة، وليس لدي معاش لأني لست موظفا حكوميا؟ لقد تعبت من كثرة المصاريف، ولا أعرف أي طريقة للتجارة. برجاء إفادتي. وإذا كانت فائدة البنك حراما فما هو الحل البديل؟ برجاء الرد على سؤالي على نفس البريد الإلكتروني. بالله عليكم تفيدوني في أقرب وقت؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا بد أن تعلم أولا أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها، وينبغي للإنسان أن يجمل في طلب رزقه بسلوك الأسباب المشروعة والشريفة لذلك .

وسلوك الأسباب المحرمة كالربا والقمار والميسر وأكل أموال الناس الباطل ونحوها لا يزيد في الرزق، وقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم وتوجيهه للناس أن قال: إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب. قال الحافظ في الفتح: أخرجه ابن أبي الدنيا في القناعة، وصححه الحاكم من طريق ابن مسعود. اهـ وصححه الألباني أيضا.

وقد وعد الله المتقين بالمخرج الحسن والرزق من حيث لم يكونوا يحتسبون فقال سبحانه: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق: 2-3}.

فاتق الله تعالى، وأطب مطعمك تستجب دعوتك ويبارك لك في رزقك، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً إني بما تعملون عليم) وقال: يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ) ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟.

فهذا الحديث يدلك على التحذير من الربا وغيره من أنواع الكسب الحرام، فالربا خبيث لا بركة فيه مع ما توعد الله عليه من العقوبة والمحاربة حيث قال: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا البَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ* يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ إلى قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ {البقرة:279،275 }

والوسائل المشروعة لاستثمار المال كثيرة. ومن ذلك البنوك الإسلامية التي تضارب بأموال المسثمرين وتستعملها في الأوجه المشروعة، وبإمكانك الرجوع إلى العلماء وذوي الخبرة في بلدك ليدلوك على البنوك الإسلامية التي تلتزم بالضوابط الشرعية في معاملاتها المالية لتستثمر أموالك لديها وتنتفع بما يعود إليك منها.

ومن البدائل الحلال دفع هذه الأموال إلى شخص أمين ماهر يضارب بها مقابل جزء شائع من أرباحها وغير ذلك من وجوه الكسب الحلال.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني