الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صلة الأرحام واجبة وإن قطعوا رحمهم والصبر على أذاهم مطلوب

السؤال

قصة ظلمي تبدأ من قبل زواجي. إحدى خالاتي كانت تغار من أمي، وتحسدها على جمالها وشخصيتها وأولادها وحياتها بشكل عام. الحسد هذا طغى عليها، وأصبحت تفرق بيننا وبين أخوالي وخالاتي، وبدأ الكيد والشر وأمي تتغاضى وتقول القطيعة ما فيها خير، وتقابل الإساءة بالإحسان.
لكن أمي وأبي صارا علينا شرا، متسلطين علينا نحن البنات، حرمونا حنانهم وعطفهم وحتى في المصروف فرقوا بيننا وبين إخواننا الأولاد، وما نتذكر منهم غير الألم والقسوة والظلم.
مرت الأيام، وقدر الله أن أتزوج ابن خالتي الظالمة، نكدت علي حياتي، وأنا ساكتة ما أدري أين أروح؟ أهلي متسلطون، والزوج وأمه وأخواته ظالمون.
اكتشفت بعد عشرين سنة من زواجي - من خلال الرؤيا المتكررة في أحلامي - أن خالتي وأخت زوجي يضعون لنا السحر للتنكيد وتعطيل الأرزاق.
وعلى هذا الحال طبعا تزوج علي، أول ما تزوج زانت الأحوال، لأنه ما أحب زوجته، بعد سنتين انقلبت الأحوال فجأة، وصار عندها مثل اللعبة تتحكم فيه، ولا يدخل بيتنا يرى عياله، وإذا جاء في الشهرين مرة كأنه جاء ينتقم منهم، يضربهم بدون سبب، ويقتلهم ونظراته فيها كره لهم.
وفوق هذا ما يصرف علينا ولا ريال، له الآن حوالي 6 سنوات، وقبلها أنا وعيالي يعطينا ألف، وبالمنة والغثاء وطلعة الروح، وراتبه 17 ألف، والباقي لزوجته الثانية هي وولدها أكل ولبس وتمشية وسفر في كل إجازة حتى الخميس والجمعة (والسر في العمل الذي وضعته وتثبتنا من ذلك حسبنا الله ونعم الوكيل)
ما كفاهم الظلم والكيد وكلامهم علينا الذي يقص الحديد عند القريب والبعيد، كلام يشهد الله أني بريئة منه أنا وأبنائي وبناتي، و كل أقربائنا الحمد لله ما رأوا منا إلا كل خير، وللأسف ما في أحد منهم فيه خير ونطق بالحق، كلهم الحسد معمي قلوبهم، والحمد لله على كل حال.
الآن أكبر عيالي عمره 33 متعطلة أرزاقهم من 15 سنة، لا زواج ولا وظائف. وأنا ما أدري كيف عشت معه العمر هذا كله مع الظلم منه و أمه وأخواته وزوجته (الله يعظم أجري ويثيب صبري).
سؤالي الله يجزيك خيرا:
أنا وعيالي ما قدرنا نتحمل، وربي يسر لنا وخرجنا من بيت زوجي والحمد له وحده في كل لحظة والشكر على رحمته بنا. والآن مالنا علاقة أبدا بزوجي وإخوانه وأخواته ولا إخواني بسبب هذي المشاكل والسحر.عيالي يرفضون يقابلونهم أو يسلمون عليهم لأنهم يتشمتون فيهم قدام الناس أننا نحن الذين ظلمناهم وهذي عقوبتنا، وضعوا العمل ليكسبوا أمرين: الأول: يعطلون أرزاق عيالي. والثاني: قدام الناس هذي عقوبتنا. حسبنا الله ونعم الوكيل، والله يعلم أنهم هم الظالمون، وهذا الذي يهمنا أن ربي عالم الجهر وما يخفى.
لكن أنا خائفة على عيالي، كلما أقول لهم سلموا حتى ما يغضب ربي علينا، هذي قطيعة يقولون ما فعلوه هم هو القطيعة، نحن ما قطعناهم لكن هم كرهونا في رؤيتهم، نحن ما نريد إلا الذي عند الله، لكن عيالي ما يتحملون كلام الشماتة والإهانة.
ونحن الآن نتعالج بالرقية الشرعية، الله يشفينا ويشفي مرضى المسلمين.
هل بعدنا عنهم بسبب شدة أذاهم يعتبر قطيعة؟
يشهد الله أننا تحملنا كلامهم وأذاهم من مد يدهم على عيالي بدون سبب، والفتن بيني وبين زوجي، والمشاكل، وما أبعدنا عنهم إلا عندما تأكدنا أنه سحر، وأنهم يجددون لنا كل فترة، ويحرصون على زيارتنا ليوصوا بناتهم ليسرقن شيئا من أشيائنا الخاصة، وتثبتنا ورأيناه معهم آخر مرة زارونا فيها، وثبت أنهم يتعاملون بالسحر. حسبنا الله و نعم الوكيل. الله ينصفنا من كل ظالم و من رضي به علينا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الرحم لها شأن عظيم، أمر الله تعالى بصلتها، وأكد على ذلك تأكيدا، ونهى عن قطيعتها، وتوعد على القطيعة توعدا شديدا. وراجعي النصوص في ذلك بالفتوى رقم: 145359.

وبناء على هذا، فلا يجوز لكم قطع أرحامكم، والواجب عليكم صلتهم وإن قطعوكم، وأدنى الصلة ترك الهجران والصلة ولو بالكلام أو السلام، كما بينا بالفتوى رقم: 47724.

فإن لم يتقوا الله فيكم فاتقوا الله فيهم، وإن آذوكم فاصبروا على أذاهم، فبالتقوى والصبر تنالون حماية رب العالمين، قال تعالى: وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ {آل عمران: 120}.

وأما ترك زيارتهم خشية الضرر مثلا فلا حرج فيها.

ومن التقوى أيضا عدم اتهام الناس بعمل السحر إلا ببينة واضحة، وما ذكرت أنك رأيت من رؤى وأحلام فإنها لا تنبني عليها أحكام.

ومن غلب على ظنه أنه مصاب بالسحر فليواظب على الرقية الشرعية من غير أن يتهم بهذا السحر أحدا من الناس. وراجعي في الرقية من السحر الفتوى رقم: 5433.

وأما ما ذكرت عن زوجك من عدم قيامه بواجب الإنفاق عليك وأولاده على الوجه المطلوب مع قدرته على ذلك فأمر منكر وظلم بين.

ويجب عليه أن ينفق عليك وعلى أولاده بالمعروف، وأن يعدل بينك وبين زوجته الأخرى فيما يجب فيه العدل، وميل الزوج إلى إحدى زوجاته دون الأخرى منهي عنه شرعا، وورد فيه الوعيد الشديد. وقد سبق بيانه بالفتوى رقم: 4955.

وإذا لم يمسك الزوج بمعروف فليفارق بإحسان، وأما تركه زوجته كالمعلقة لا بأيم ولا بذات زوج فأمر غير جائز.

وننبه هنا إلى أن للزوجة الحق في الرجوع على زوجها التارك للإنفاق عليها إن لم تكن ناشزاً، ولها الحق ـ أيضاً ـ في أخذ ذلك مما تمكنت منه من ماله بقدر حقها. وراجعي الفتويين رقم: 22155 19453

وكذلك يجوز للأم الرجوع بما أنفقت على أولادها إن أنفقت عليهم بنية الرجوع بها على زوجها. وراجعي الفتوى رقم: 76604 والفتوى رقم: 31634.

ويمكن رفع الأمر إلى القاضي الشرعي عند حصول النزاع.

وننبه أيضا إلى أنه يجب على الآباء التسوية بين أولادهم في العطايا، ولا يجوز لهم تفضيل بعضهم على بعض إلا لمسوغ شرعي كما سبق أن بينا بالفتوى رقم: 5348.

وينبغي لهم التسوية بينهم حتى في الأمور العاطفية لئلا يحملهم عدم التسوية في ذلك إلى الوقوع في العقوق والقطيعة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني