الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السهو المستنكح والشك المستنكح

السؤال

لو سمحت يا شيخ أنا صاحبة الفتوى رقم: 58257، وأنا الآن عندما أصلي أسرح جدا ولا أركز وأنسى كثيرا فدائما أبقى غير عارفة هل هذه الركعة الثالثة مثلا أم الرابعة؟ ففي بعض الأوقات أحس، أو يغلب على فكري أنني في الركعة الثالثة فأبني على غلبة ظني وليس على الأكثر وأجعلها الثالثة وآتي بركعة أخرى رابعةوفي أوقات أخرى لا يغلب على ظني شيء وأبقى سرحانة وناسية جدا فأجعلها الرابعة أي أبني على الأكثر فهل ما أفعله صحيح أم لا؟ وعندما أبني على غلبة ظني وأجعلها الثالثة، فهل أسجد للسهو بعد الصلاة أم لا؟ فأنا أعاني من وسوسة شديدة في النية أجلس فترة طويلة في النية لكي أصلي ولو سجدت للسهو بعد الصلاة أجلس فترة طويلة لكي أنوي السهو وأنا أسجد للسهو لدرجة أنني في تكبيرة الإحرام لكي أنوي الصلاة وأكبر وأقطع وأكبر ثانية عدة مرات لدرجة أن إحدى زميلاتي في العمل رأتني مرة وأنا لا أدري وقالت لي لماذا كبرت أكثر من مرة فأصابني الخجل جدا منها ووقعت في حرج شديد وأنا الآن أصلي بعيدا عن الناس وعن أمي وأبي وزوجي ولدي ابنة صغيرة أخاف أن تراني وأنا أكبر عدة مرات هكذا فتصاب بالوسوسة مثلي ولا أصلي أمام أحد فأنا أنسى وأسرح في كل صلاة تقريبا حتى في صلاة الصبح أنسى وأسجد للسهو ولا تكاد تخلو صلاة لا أسجد فيها سهوا، لأنني أبني على غلبة ظني فأسجد سهوا بعد الصلاة لكي تطمئن نفسي وأحيانا أبني على الأكثر، فهل لو بنيت على غلبة ظني أسجد للسهو أيضا كما أفعل الآن؟ أم كما فهمت لا أسجد للسهو حتى لو بنيت على غلبة ظني فقد قرأت: قال البهوتي في كشاف القناع: وعند المالكية من كثر عليه السهو وتيقن ما سها عنه أصلحه بأن يأتي به ولا سجود عليه، قال الدسوقي في حاشيته: والسهو المستنكح هو الذي يسهو ويتيقن أنه سها، وحكمه أنه يصلح ولا سجود عليه. انتهى.وقرأت أيضا: فهل معنى هذا أن أبني على غلبة الظن ولا أسجد للسهو؟ قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير: وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّكَّ مُسْتَنْكِحٌ وَغَيْرُ مُسْتَنْكِحٍ وَالسَّهْوُ كَذَلِكَ.هل يوجد فرق بين الشك والسهو؟ وهل الذي أنا فيه يعتبر شكا مستنكحا فآخذ حكمه وأبني على الأكثر ولا سجود سهو علي؟ أم أن ما عندي هو سهو؟ وهل يوجد فرق بين الشك والسهو والنسيان؟ وماذا لو شعرت بأنني في السجده الأولى وغلب على ظني هل لا ألتفت لظني وأجعلها السجدة الثانية، لأن هذا يحدث معي في كل صلاة تقريبا؟ أم ماذا أفعل؟ أنا نويت أن أعرض عن هذه الأفكار في النية وعن كل شيء وأكبر وأدخل في الصلاة ولا ألتفت لأي شيء، فهل ما سوف أفعله صحيح؟ وجزاكم الله خيرا كثيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد سبق أن ذكرنا لك ـ أيتها الأخت السائلة ـ أنك في حكم من استنكحه الشك، وأن الراجح المفتى به في موقعنا أن من كثر منه الشك حتى صار كالوسواس لا يلتفت إليه ولا يلزمه سجود, كما في الفتوى التي أشرت إليها والفتاوى المحال إليها فيها, وإذا شككت هل صليت ثلاثا أم أربعا أنك تبنين على الأكثر, جاء في الشرح الكبير: فالشك المستنكح هو أن يعتري المصلي كثيرا بأن يشك كل يوم ولو مرة هل زاد، أو نقص، أو لا، أو هل صلى ثلاثا، أو أربعا ولا يتيقن شيئا يبني عليه، وحكمه أن يلهى عنه ولا إصلاح عليه، بل يبني على الأكثر، ولكن يسجد بعد السلام استحبابا. اهـ.

وقد بينا لك هذا الحكم في الفتوى رقم: 22408التي أحلناك عليها فلا حاجة للإعادة والتكرار.

والفرق بين الشك والسهو: أن الشك يحصل فيه تردد بين أمرين، هل صليت ثلاثا أم أربعا, هل جلست للتشهد الأول أم لا؟ وأما السهو فيحصل فيه الغفلة عن فعل من أفعال الصلاة كأن تتركي التشهد الأول ثم تتذكرين أنك تركتيه وهذا واضح فيما نظن, والسهو المستنكح حكمه أن يتدارك صاحبه ما سها عنه ويصلح صلاته ولا يلزمه سجود للسهو, جاء في شرح مختصر خليل للخرشي: والسهو المستنكح هو الذي يعتري المصلي كثيرا وهو أن يسهو ويتيقن أنه سها، وحكمه أنه يصلح ولا سجود عليه. اهـ.

وانظري المزيد في الفتويين رقم: 124075ورقم: 67470

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني